ملخص:
تناول موضوع هذه الدراسة بالتعريف جريمة الإبادة كجريمة من الجرائم الدولية الأشدخطورة على الكيان البشري، تعرضنا من خلاله إلى آراء مختلف فقهاء القانون الدولي كالفقيه " بيلا " و " جلاسير " و لومبواس " و " رايت " و غيرهم الذين حاول كل واحد منهـم التعريف بالجريمة الدولية باعتبارها إخلالا بمبادئ سامية للقانون الدولي و عدوانا علـى مصلحة أساسية للمجتمع الدولي. و قد عد في هذا المضمار الفقيه البولوني الأصل " رفائيل لمكن" أول من أطلق مصطلح أي إبادة الجنس البشري على هذه الجريمة سنة 1945، و كيف لا و قد ابتلي الشعب البولوني بلاء شديدا بجريمة الإبادة التي سلطها النازيون الألمان على الأمة البولندية من خلال إفناء و إبادة زهاء سبعة ملايين بولوني خلال الحرب العالمية الثانية.
و عدت بذلك هذه الجريمة من أمهات الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية و حظيت بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لها في 09/12/1948. كما تعرضنا بشيء من الإيجاز في هذه الدراسة المتواضعة إلى دوافع هذه الجريمة، الدينية و الاجتماعية و السياسية منها مدعمين عواملها و دوافعها تلك بشواهد تاريخية متوغلة في القدم و الأخرى ذات صلة بأحداث معاصرة، مبرزين بشاعة و فظاعة ما تسببت فيه هذه الجريمة الدولية الشنعاء من مجازر و مآسي من شأنها القضاء المبرم على وجود النوع الإنساني على أديم هذه البسيطة.
كما تعرضنا في ذات السياق إلى ركن جريمة الإبادة المادي بشكل أساسي و إلى ركنها المعنوي، العام و الخاص و كذا ركنها الشرعي، إضافة إلى ركنها الدولي الذي يضفي عليها طابع الجريمة الدولية.
و قد حاولنا قدر الإمكان الإحاطة و لو بشيء من الإيجاز بالآثار الوخيمة التي من شانها إفساد النسل و هلاك بني الإنسان من جراء هذه الجريمة.
Résumé
Cette étude à pour objet la définition du crime de génocide comme l’un des plus dangereux crime visant l’existence humaine, tout en évoquant les différents opinions des juristes «pella» ,« Glasser» , «Lombois» , «Wright» et d’autres qui ont essayé de définir chacun selon sa doctrine le crime international qui porte préjudice aux principes du droit international et agressions aux intérêts fondamentaux de la communauté internationale.
Le juriste «Raphael Lemken» D’origine polonaise, fut le premier à utiliser l’expression «Génocide» qui veut dire l’anéantissement de l’espèce humaine, car déjà 1945 le peuple polonais a subit les atrocités de ce crime par les nazis allemands a travers les massacres d’environ sept millions de polonais celui-ci est inscrit parmi les grands crimes contre l’humanité, et approuvé par l’assemblée générale des nations unies le 09/12/1948.
On a évoqué a travers cette étude modeste aux mobiles de ce crime, d’ordre religieux, social et politique, et que sont traduit par des fais historiques et contemporaines vécu en démontrant ses atrocité et ses répercutions a travers les massacres qui visent à anéantir l’espèce humaine en expliquant principalement l’élément matériel, Général et spécial ainsi que son élément légitime, moral et international qui le caractérise comme tel, tout en essayant de résumer ses répercutions très néfastes vis-à-vis de la continuité de la vie humaine.
مقدمة:
تعد الجريمة ظاهرة اجتماعية قديمة قدم البشرية ذاتها، سعت المجتمعات إلى مكافحتها بهدف نشر الأمن والطمأنينة، وقد تطورت طريقة ارتكابها بتطور العصر وتقدمه، إذ شهد العالم أنماطا جديدة من الإجرام الخطير كالجريمة المنظمة وجريمة الإبادة الجماعية، وتعتبر هذه الأخيرة من أخطر الظواهر الإجرامية التي تعاني منها الدول والمجتمع الدولي على حد سواء مما تلحقه من آثار خطيرة تمس بأمن المجتمعات واستقرارها، وقد أشار الفقيه البولوني " ليمكن Lemkein" إلى خطورة الإبادة الجماعية ودعا إلى تجريمها.
ونظرا لأهمية موضوع الحماية الجنائية لحقوق الإنسان وأهمها الحق في الحياة باعتبارها موضوع الساعة في أحداث عالمنا المعاصر والتي حظيت باهتمام الهيئات والمفكرين ورجال العلم فقد جعلني ذلك أحاول الغوص فيه وذلك لعدة أسباب، منها:
1- أن جريمة الإبادة الجماعية تشكل أخطر الجرائم التي تهدد حياة البشرية واستقرارها ووجودها،
2- أن اهتمام المجتمع الدولي بهذه الجريمة لم يقابله إقدام الباحثين على إجراء الدراسات والبحوث الكافية التي تتناول هذا الموضوع من الناحية القانونية، وعليه فإنني سأحاول في هذه الدراسة الإجابة على بعض التساؤلات التي تتبادر إلى الأذهان.
إلى أي مدى يمكن للقضاء الدولي الجنائي أن يفلح في تحقيق الحماية الجنائية للشعوب والأفراد في ظل التخلف الذي تعاني منه الكثير من الأنظمة السياسية في العالم ولاسيما في بلدان العالم الثالث التي ما زال الكثير منها يئن تحت تأثير أنظمة استبدادية تغيب فيها حقوق الإنسان بسبب آثار الجهل وغياب الحرية والديمقراطية؟ وإلى أي مدى يمكن القول بأن الدول الكبرى ستلتزم هي ذاتها باستعمال سطوتها ونفوذها لمحاربة استشراء أي شكل من أشكال الجرائم المهددة لكيان البشرية في إطار القضاء الدولي الجنائي في ظل مجتمع دولي تحركه المصالح والأطماع الدولية، وفي سياق علاقات دولية تهيمن فيها المصالح الذاتية للدول العظمى على ما يعبر عنه بمبادئ حقوق الإنسان؟وإلى أي حد يمكن لمجتمع دولي هش أن يوفق في تحقيق الحماية الجنائية لحق الإنسان في الحياة ومكافحة الجرائم التي قد يكون عرضة لها وأهمها حماية حقه في البقاء والعيش الكريم في ظل تمسك الدول بمبدأ السيادة التقليدي وفي ظل انتهاك صارخ للدول الكبرى لسيادة الشعوب الصغيرة، باسم حماية البشرية وحقها في الحياة الآمنة؟ إن التدخل الأمريكي في العراق وأفغانستان لأبرز مثال على ذلك من خلال جرائم الإبادة التي يقترفها الأمريكان وحلفائهم ضد هذه الشعوب.
للإجابة على هذه التساؤلات التي تشغل بال الكثير من رجال القانون والسياسة والمضطلعين بحقوق الإنسان فقد اعتمدنا في هذه الدراسة على أسلوب الوصف والتعليق من جهة وعلى أسلوب المقارنة والتحليل من جهة ثانية، ومن ثمة فقد كان المنهج المعتمد هو المنهج الوصفي التحليلي إضافة إلى المنهج المقارن، آملين أن نكون قد وفقنا في الإجابة على مثل هذه التساؤلات التي من شأنها إزالة الغموض على أحد أكبر مواضيع الساحة الإعلامية والسياسية في عالمنا المعاصر ألا وهو حماية الإنسان من أي شكل من أشكال الاعتداء على سلامته أو التعرض إلى حياته.
من أجل الإحاطة بهذا الموضوع فقد ارتأينا تقسيمه إلى مبحثين :
تناولنا في الأول منهما، التعريف بهذه الجريمة وخطورتها على المجتمعات وآثارها الوخيمة عليها، كما تناولنا فيه أيضا مختلف الدوافع الكامنة وراء اقتراف هذه الجريمة، أما في المبحث الثاني فقد تطرقنا إلى أركان الجريمة الدولية بشكل عام وإلى أركان جريمة الإبادة بشكل خاص مستشهدين بذلك بأمثلة واقعية تعبر عن مدى بشاعة و فظاعة هذه الجريمة التي وصفها أحد الباحثين بأنها بحق أم الجرائم الدولية.
المبحث الأول
تم التطرق في هذا المبحث إلى التعريف بالجريمة بشكل عام ثم عرفنا الجريمة الدولية وذلك بحكم أن جريمة الإبادة ما هي إلا صورة من صور الجريمة الدولية ثم انتهينا إلى التعريف بجريمة الإبادة الجماعية من خلال آراء فقهاء القانون الدولي الجنائي.
المطلب الأول: تعريف جريمة إبادة الجنس البشري
قبل التعرض إلى تعريف جريمة إبادة الجنس البشري ارتأينا التعرض في الفرع الأول من هذا المطلب إلى التعريف العام للجريمة وأركانها بشكل مختصر، ثم التعرض في الفرع الثاني إلى تعريف الجريمة الدولية وذلك اعتبارا إلى أن جريمة الإبادة ما هي إلا شكلا من أشكال الجرائم الدولية على أننا سنتناول في الفرع الثالث من هذا المطلب التعريف بجريمة إبادة الجنس البشري.
الفرع الأول: تعريف الجريمة بشكل عام:
لم يقع الاتفاق على تعريف واحد للجريمة، إذ ذهب كل فريق من العلماء إلى تعريفها من منطلق بحثه وصميم تخصصه، ذلك أن تعريف علماء الإجرام لها يختلف عن تعريف علماء الاجتماع أو السياسة أو علماء الدين، حيث عرفها " الماوردي " بأنها: " محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزيز".(1) ويتضح من تعريف " الماوردي " أن الفعل المجرم محرم في الشرع، وعليه فلا يصدق إسم الجريمة على الأفعال المباحة بالنص أو بالأصل، كما أن هذه الأفعال المحظورة قد خصت بعقوبة نص عليها إما بالحد بأن تكون العقوبة مقدرة شكلا ومعنى، أو بالتعزيز بأن يوكل للقاضي أو الحاكم يوقعها بشروط وضوابط محددة، مما قد يفيدان المحظورات غير المنصوص على العقاب عليها ، لا تعد جرائم حتى وإن كانت حراما كالغيبة والنميمة مثلا.(2)
ويتضح من ذلك أن الجريمة سلوك يتسع لأن يكون فعلا ينهى عنه القانون، أو امتناعا عن فعل يأمر به القانون، على أن يكون هذا الفعل أو السلوك مما يمكن إسناده إلى فاعله أي صادر عن إنسان يمكن الاعتداد بإرادته قانونا، أي أن تكون تلك الإرادة سليمة مدركة ومميزة وغير مكرهة مع وجود صلة مابين هذه الإرادة والواقعة المرتكبة، كما يجب أن يكون للسلوك المكون للواقعة الإجرامية (فعل أو امتناع عنه)، نص قانوني يمنع مثل هذا السلوك. ذلك أن الإضرار بمصلحة غير محمية جنائيا لا يترتب عليه صفة التجريم، وإن كان من الممكن أن يشكل فعلا غير مشروعا في نطاق فرع آخر من فروع القانون العام .(3)
وللجريمة أركان عامة يمكن إيجازها فيما يلي:
أولا:الركن الشرعي: ويقصد به الصفة غير المشروعة للفعل بأنه غير مشروع وذلك استنادا للنص المجرم له مع عدم توافر سبب من أسباب الإباحة التي تنفي عن الفعل صفة عدم المشروعية.
ثانيا:الركن المادي للجريمة: وهو المظهر الخارجي للجريمة ويشمل ثلاثة عناصر هي:
أ- النشاط الإجرامي: وهو عمل نهى المشرع على ارتكابه، أو امتناع عن عمل أوجبه المشرع.
ب-النتيجة: وهي الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون.
ج-العلاقة السببية: وهي الرابطة التي تربط بين الفعل المجرم والنتيجة المترتبة عنه، بحيث تكون هذه النتيجة بسبب الفعل الإجرامي المرتكب.
ثالثا: الركن المعنوي:ونعني به القصد الجنائي الذي يصدر عن شخص مسؤول جنائيا، أي متمتع بالتمييز والإدراك وحرية الإرادة.(4)
غير انه يمكن الإشارة إلى انه لكل جريمة أركانا خاصة بها تميزها عن غيرها من الجرائم الأخرى، فالركن المادي في جريمة القتل يختلف عن نظيره في جريمة الضرب أو الإجهاض أو التعذيب، فالأركان الخاصة إذا هي التي تميز جريمة عن أخرى، وهي تطبيق للأركان العامة بالنسبة للجريمة بذاتها ومن ثم فإن مجال دراسة الأركان العامة للجريمة مجاله هو القسم العام، بينما يتحدد موضوع الأركان الخاصة في دراسة كل جريمة على حده.(5)
الفرع الثاني: تعريف الجريمة الدولية
إذا كانت التشريعات الوطنية لم تضع تعريفا للجريمة تاركة أمر ذلك للاجتهادات الفقهية، فإن الأمر هو كذلك بالنسبة للجريمة الدولية، إذ لا توجد ثمة قاعدة تعرف وتحدد ماهية الجريمة الدولية. في هذا السياق فقد عرف الفقيه " بلاpella " الجريمة الدولية "بأنها فعل أو ترك تقابله عقوبة تعلن وتنفد باسم الجماعة الدولية "، بينما ذهب الفقيه " جلاسر Glaser" إلى :"أن الجريمة الدولية هي الفعل الذي يرتكب إخلالا لقواعد القانون الدولي ويكون ضارا بالمصالح التي يحميها ذلك القانون مع الاعتراف له قانونا بصفة الجريمة واستحقاق فاعله العقاب ".كما عرفها الأستاذ " رايت Q -Wright" بأنها:" التصرف الذي يرتكب بنية انتهاك المصالح التي يحميها القانون الدولي. ويذهب الفقيه " لومبواس Lombois" إلى:" أن الجريمة الدولية تمثل عدوانا على مصلحة أساسية للمجتمع الدولي تتمتع بحماية النظام القانوني الدولي من خلال قواعد القانون الدولي الجنائي أوهي تصرفات مضادة لقواعد القانون الدولي لانتهاكها للمصالح التي تهم الجماعة الدولية والتي قررت حمايتها بقواعد هذا القانون ". كما عرفها " دوتريكور Dautricourt" بأنها: " تلك الأفعال التي إذا ارتكبتها الدولة أو سمحت بها تعتبر مخالفات جسيمة للقانون الدولي وتستوجب المسؤولية الدولية".(6)
أما الفقيه " سبيروبولس " فقد عرفها:" بأنها الأفعال التي إذا ارتكبتها الدولة أو سمحت بها تعتبر مخالفة جسيمة للقانون الدولي وتستوجب المسؤولية الدولية ". ومن جهته عرفهـا الأستـاذ الدكتـور عبد القـادر القهوجـي بأنها:" كل فعل أو سلوك إيجابي أو سلبي يحظره القانون الدولي الجنائي ويقرر لمرتكبه جزاء جنائيا .(7) كما عرفها الأستاذ الدكتور عبد الواحد محمد الفار بأنها " فعل أو امتناع يعد مخالفة جسيمة لأحكام ومبادئ القانون الدولي، ويكون من شأنه إحداث الاضطراب في الأمن والنظام العام الدولي والمساس بالمصالح الأساسية والإنسانية للجماعة الدولية وأفراد الجنس البشري، مما تستوجب معه المسؤولية الدولية، وضرورة توقيع العقاب الجنائي على مرتكب تلك المخالفة". أما الفقرة الثانية من المادة التاسعة (09) للجنة القانون الدولي فقد ذهبت إلى النص على أنه " يشكل العمل غير المشروع دوليا جريمة دولية حين ينجم عن انتهاك الدولة إلتزاما دوليا ، هو من الضرورة لصيانة مصالح أساسية للمجتمع الدولي بحيث يعترف هذا المجتمع بمجمله بأن انتهاكه يشكل جريمة دولية " .(8) فالجريمة الدولية إذا هي كل سلوك إرادي غير مشروع، يصدر عن فرد باسم الدولة أو بتشجيع أو رضا منها ويكون منطويا على مساس بمصلحة عليا يحميها القانون الدولي، وهي تستمد صفتها الإجرامية من العرف أو من نصوص المعاهدات والاتفاقيات الدولية ويوقع العقاب عنها باسم المجتمع الدولي، كما أنها ترتكب بناء على طلب من الدولة أو بتشجيع منها أو على الأقل برضائها وذلك بقصد المساس بمصلحة دولية محمية بقواعد القانون الدولي.(9)
الفـرع الثالث: التعريف بجريمة الإبادة الجماعية
تعد جريمة إبادة الجيش البشري من الجرائم التي ألحقت خسائر جسيمة و فضيعة بالإنسانية وذلك في كل مراحل التاريخ مثلما كنا قد أشرنا إليه لأنها تستهدف أسمى وأقدس حق وهبه الله تعالى للإنسان ألا وهو الحق في الحياة ، من خلال إفنائه وسحقه من الوجود .
لقد عبر عنها رئيس الوزراء البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية "ونسطن تشرشل WinstonChurchill "بأنها الجريمة التي ليس لها وصف،وذلك لهول ما تتسبب فيه من حصد للآلاف أو الملايين من بني الإنسان.
ويرجع الفضل للمنظر البولوني الأصل ، " رفائيل لمكنRaphael Lemkin "في إطلاق مصطلح -Genocide- أي إبادة الجنس البشري على هذه الجريمة سنة 1945 وهي العبارة نفسها التي أطلقتها النيابة على المتهمين النازيين في محكمة نورنمبورغ بألمانيا سنة 1945 دون إثباتها . وعدت هذه الجريمة من أمهات الجرائم المرتكبة ضــد الإنسانيــة فـي
11 ديسمبر سنة 1946 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة *(10)، التي تبنتها في 09 ديسمبر سنة 1948، لتدخل طور النفاذ بتاريخ 12/01/1951 بعد مصادقة 20 دولة عليها وبتاريخ 31 ماي 1995 صادقت عليها أكثر من 100 دولة .(2) وبحلول عام 1997 قفز هذا العدد إلى 123 دولة.
وللعلم فإن الجزائر قد صادقت على هذه الاتفاقية ونشرت بمقتضى المرسوم الرئاسي في 11 سبتمبر من سنة 1963 وتم إصدارها في الجريدة الرسميـة رقم 66 بتاريخ 14 سبتمبـر من سنة 1966.
وقد أبدت الجزائر تحفظها على المادة التاسعة (09)من هاته الاتفاقية (11) التي تمنح الاختصاص لمحكمة العدل الدولية حول تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هاته الاتفاقية بعد تقديم طلب من أية دولة متنازعة بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن الأفعال الأخرى التي شملتها المادة الثالثة من الاتفاقية وهي المعاقبة على الإبادة والتآمر على ارتكابها أو التحريض المباشر والعلني على ارتكابها أو محاولة ارتكابها أو الاشتراك فيها،(12) ومن الجدير بالذكر أنه عندما أصدرت الجمعية العامة قرارها بالموافقة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بتاريخ 09/12/1948، وافقت عليها الدول مقرنة ذلك بتحفظ مما أثار خلافا في اللجنة السادسة القانونية حول هذه المسألة. وفي رأيها الإفتائي ذي الصلة بموضوع التحفظ المشار إليه ، أصدرت محكمة العدل الدولية سنة 1951 فتواها التي خلصت إلى أن الدولة التي أبدت تحفظها على معاهدة دولية اعترضت عليها بعض الأطراف تعتبر طرفا في المعاهدة، إذا لم يكن التحفظ مخالفا ومتعارضا وموضوع أو غرض المعاهدة ، على ألا يسري هذا التحفظ إلا في مواجهة الدول التي قبلته ، الأمر الذي يترتب عليه إعتبار الدولة المتحفظة طرفا في علاقاتها مع الدول الأخرى التي قبلت التحفظ ، أما في علاقتها مع الدول التي لم تقبل التحفظ، فلا تعتبر طرفا.(13) وقد اعتبرت المحكمة أن موضوع وغرض الاتفاقية تقيدان حرية الدول في إبداء التحفظات والاعتراض عليها ولا يجب أن يحول دون ذلك ، الإسراف في التمسك بفكرة السيادة التي من شأنها إهدار موضوع وغرض هذه الاتفاقية التي ترمي إلى حماية المصلحة المشتركة والغايات العليا لمجموع الدول من خلال قواعد عالمية النطاق تلزم كافة الدول وإن لم تكن طرفا في هذه الاتفاقية(14).
كما تحفظت الجزائر على المادة الثانية عشر (12) في هذه الاتفاقية التي تخول لكل طرف متعاقد في هذه الاتفاقية أن يجعل من سريانها على جميع الأقاليم التي يكون الطرف المتعاقد مسؤولا عن تسيير علاقاتها الخارجية، أو يشمل هذا السريان أيا من هذه الأقاليم وذلك بإشعار توجهه الدولة المتعاقدة إلى الأمين العام للأمم المتحدة .(15) كما أعطت الجزائر تفسيرا حول المادة السادسة (6) من هذه الاتفاقية وذلك باختصاص الجهات القضائية الجزائرية للفصل في جرائم الإبادة أو تلك التي تضمنتها المادة الثالثة من هاته الاتفاقية السابق الإشارة إليها. (16) و الواضح أن الجزائر قد أولت أهمية خاصة لهاته الاتفاقية من خلال الإسراع بالانضمام إليها مع استبعاد كل ما من شأنه أن ينقص من سيادتها وسمعتها الدولية.
المطلب الثاني: دوافع جريمة إبادة الجنس البشري:
لا ريب أنه لكل جريمة دوافع معينة تكون سببا على ارتكاب مقترفيها لها، وإذا كانت الإبادة الجماعية وفقا لمختلف التعاريف المتطرقة إليها جريمة، بل هي من أخطر الجرائم التي تكون البشرية عرضة لها من طرف الإنسان تجاه أخيه الإنسان – فإن لهذه الجريمة دوافع مختلفة دينية، وسياسية واجتماعية وعليه فإننا سنحاول في هذا المطلب التطرق إلى هذه الدوافع.
الفرع الأول: الدوافع الدينية لجريمة إبادة الجنس البشري:
يرى جانب من الفقه القانوني أن البواعث الدينية واختلاف العقائد لم تعد ذات أثر هام في المجتمعات الحديثة حتى تكون سببا دافعا نحو استخدام القوة والإبادة، وذلك باستثناء الحركة الصهيونية التي تركزت أخيرا في إسرائيل، وكذلك نظام الرئيس الفلبيني السابق " ماركوس " ورجال الفكر الشيوعي المتطرف في الإتحاد السوفياتي السابق والدول الدائرة في فلكه.(17)
ويرى هذا الجانب من الفقه أن الحال لم يكن كذلك في الماضي خاصة في القرون الوسطى كالحروب الصليبية وما صاحبها من إبادات فضيعة للمسلمين ، وتجدد هذه الإبادة لمسلمي إسبانيا في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر ، وكذلك الانقسام الديني في أوربا على إثر ظهور البروتستانتية بزعـامة " مارتـن لوثـر " خلال الـمدة ( 1483، 1546) وتصارعها مع الكاثوليكية. والملاحظ كذلك أن العقد الأخير من القرن الماضي قد شهد مذابح عرقية ودينية ليس لها مثيلا على الرغم من تأسيس الأمم المتحدة وميلاد الاتفاقية الدولية لمنع ومعاقبة مجرمي الإبادة الجماعية للجنس البشري . ولأدل على ذلك ما شهده إقليم " البوسنة وكوسوفا " في جمهورية يوغسلافيا السابقة حيث سعى من خلالها المجرمون الصرب إلى اقتراف مجازر رهيبة يندى لها جبين الإنسانية للحيلولة دون ميلاد دولة مسلمة ضمن بلدان البلقان المسيحية في قارة أوربا (18) من خلال ما عرف بسياسة التطهير العرقي للمسلمين في البوسنة. وماشهدته الجزائر في العشرية السابقة لمظهر آخر من مظاهر الإبادة التي حركتها العقائد الدينية القائمة على مذهب التكفير والردة ، التي تبنتها الجماعات الإرهابية وجواز إفناء كل مخالف لهذا المعتقد المذهبي. فبين سنتي 1994 ، 1995 ، شهدت الجزائر أعمالا إبادية وحشية من خلال الاغتيالات الجماعية وزرع الرعب والخوف لدى السكان ، والإقدام على إرتكاب مجازر بشعة في الأرياف خصوصا والتي كانـت متبـوعة في غالـب الأحيـان بتفخيخ الجثـث وتمزيقـها.(19) إن ظاهرة التطرف الديني التي عاشتها الجزائر وما سببته من مآسي لدى فئات واسعة من المجتمع الجزائري كانت بمثابة حرب حقيقية ، قد استهدفت كل طبقات المجتمع الجزائري إستعملت فيها مختلف تقنيات القتل(20) الفردي التي استهدفت الإطارات والمواطنين ورجال الإعلام والمناضلين السياسيين والقضاة ورجال التعليم وغيرهم إضافة إلى الاغتيالات الجماعية ضد المواطنين العزل وتنفيذ عمليات عقابية انتقامية لعائلات بكاملها.
وقد تميزت سنة 1996 بحالة من الرعب لم يسبق لها مثيل بفعل اللجوء إلى أساليب سياسة الأرض المحروقة وإلى الإبادة المنظمة لعائلات بكاملها بما فيها من نساء وأطفال رضع ومسنين. مما أدى إلى التنقل الإجباري لسكان الأرياف المعزولة نحو المدن ، وظهور إضطرابات نفسية عميقة لاسيما عند الأطفال والناجين من المجازر. ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الجسمية الناجمة عن إنفجار الآلات المفخخة في المدن والقرى الجزائرية.
الفرع الثاني: الدوافع الاجتماعية والسياسية:
قد تكون الدوافع التي تدفع مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية ذات طابع ديني أو قومي أو عنصري أو إثني مثلما ورد ذلك في نص المادة 02/1 من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة مجرمي الإبادة الجماعية،(21) التي تضمنت الدوافع التي تجعل من مرتكبي هذه الجريمة يجرؤون على اقترافها والمتمثل في الاختلاف الناشئ عن التمايز العرقي أو الأثني أو الوطني. والأمثلة عن هذه الجريمة كثيرة ، نذكر منها سياسة التمييز العنصري التي اشتهر بها نظام جنوب إفريقيا السابق العنصري والمعروف بسياسة الأبارتياد - Apartheid، فروضت هذه السياسة قيودا ظالمة على حرية الحركة والتنقل وعلى الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية لغير البيض (22). ونظرا لكون جريمة الإبادة من أخطر الجرائم المستهدفة لحياة الإنسان فقد تضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966، تضمن هذا العهد في المادة السادسة منه إجراءات وقائية لمنع وقوع جريمة الإبادة الجماعية من طرف الحكومات، من خلال حضر توقيع عقوبة الإعدام إلا في الجرائم الأشد خطورة مع الالتزام بعدم تنفيذ هذه العقوبة إلا بعدم صور حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.(23)
كما أضاف البند الثاني من المادة السادسة السابق ذكرها أنه ليس في هذه المادة أي المادة السادسة. إذا كان حرمان الحياة يشكل جريمة إبادة الجنس ما يخول أية دولة طرف في العهد الحالي ، التحلل بأي حال من أي التزام تفرضه نصوص الاتفاق الخاص بالوقاية من جريمة إبادة الجنس والعقاب عليها. وعليه فإن كل الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية تنص على التجريم القطعي لهذه الجريمة الشنعاء وترفض التحجج بأي تذرع لمرتكبها أو مرتكبيها، أفرادا كانوا أو دولا أو منظمات(24). وبذلك فقد أخرجتها الكثير من النظم القانونية من دائرة الجرائم السياسية وسعت إلى تكثيف الجهود لملاحقة مرتكبيها، وهو ما نصت عليه المادة الثانية في فقرتها الأولى من إتفاقية مجلس الإتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب الموقعة في ستراسبورغ بتاريخ 27/01/1977.(25)ومن الأمثلة التي تبرز دور الدوافع السياسية في مجال اقتراف جريمة الإبادة الجماعية، ما أقدمت عليه قوات الجيش الزائيري بالزائير من إعدام 163 شخص خلال سنة1994 دون محاكمة مما يبرز خطورة وبشاعة هذه الجريمة، كما بين تقرير اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان للفترة بين 13-22 مارس 1995 بلومي " الطوغو " أن الكثير من رواد المعارضة في بعض الدول الإفريقية عادة ما يقعون ضحايا الإعدام خارج الإطار القضائي، أو يموتون في السجون نظرا لخطورة ممارسات جريمة التعذيب والمعاملة القاسية اللإنسانية، ومن أمثلتها وفاة سكرتير منظمة الوحدة الإفريقية السابق " روبرت دياللو تيللي " الذي مات في سجن غينيا مثل أي مجرم عادي دونما اعتبار لكونه زعيما سياسيا معارضا لنظام بلاده ومدافعا عن قيم الحرية والديمقراطية.(26) أو قد تقوم بها المعارضة ذاتها إذا ما كانت هذه المعارضة تسعى إلى الإطاحة بالحكم القائم والإحلال محله. أو إرغام سلطات الدولة على اتخاذ قرارات معينة لتحقيق مصالح الجماعة التي ينتمون إليها أو متفقا مع رغباتها وأهدافها السياسية، أو قد تهدف إلى إنزال الضرر بمصالح دولة معينة.(27)
الجنس البشري
المبحث الثاني: أركان جريمة إبادة
كأي جريمة تتوفر جريمة إبادة الجنس البشري على أركان عامة وهي الركن المادي والمعنوي والشرعي وعلى ركن خاص هو الركن الدولي الذي يميزها عن أركان الجريمة الداخلية، ولما كانت معاقبة جريمة إبادة الجنس البشري هي مسألة ذات اختصاص دولي، فقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن إبادة الجنس في نظر القانون الدولي هي جريمة دولية يدينها العالم المتمدين، ويعاقب مرتكبوها سواء كانوا فاعلين أصليين أو شركاء بصرف النظر عن صفتهم حكاما كانوا أو أفراد عاديين. وقد حاولنا في هذا المبحث التعرض بشيء من الشرح لأركان هذه الجريمة الدولية في مطالب أربعة تناول كل مطلب منها ركنا من أركانها.
المطلب الأول: الركن المادي لجريمة إبادة الجنس البشري
يقصد بالركن المادي لجريمة إبادة الجنس البشري إقدام مرتكب هذه الجريمة على إتيان أحد الأفعال التي نصت عليها المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس البشري، أو المادة السادسة من نظام روما الأساسي وهي:
أ - قتل أفراد أو أعضاء الجماعة.
ب- إلحاق أذى أو ضرر جسدي أو عقلي خطير أو جسيم بأعضاء الجماعة.
ج- إخضاع الجماعة لظروف وأحوال معيشية قاسية يقصد منها إهلاكها أو تدميرها الفعلي كليا أو جزئيا. (28)
د- فرض تدابير ترمي إلى منع أو إعاقة النسل داخل الجماعة.
هـ- نقل أطفال أو صغار الجماعة قهرا وعنوة من جماعتهم إلى جماعة أخرى.
ونظرا لأهمية الأفعال المشكلة للركن المادي لجريمة إبادة الجنس البشري فإننا سنتولى التعرض إلى شرحها ولو بشيء من الإيجاز:
الفرع الأول: قتل أفراد الجماعة أو الإضرار بها.
وسنحاول في هذا الفرع التطرق إلى عنصري، قتل أفراد أو أعضاء الجماعة، ثم إلى إلحاق الأذى أو الضرر الجسدي أو العقلي الخطير والجسيم بأعضاء الجماعة.
أولا: قتل أفراد أو أعضاء الجماعة:
ويقصد بهذا الفعل، ضرورة وقوع القتل الجماعي، وإن كان لا يشترط أن يصل القتلى إلى عدد معين، إذ تقع جريمة الإبادة سواء وقع القتل على جميع أعضاء الجماعة أو على بعضهم فقط، أي تستوي أن تكون الإبادة كلية أم جزئية، كما يستوي وقوع القتل على أي فرد أو عضو من أعضاء الجماعة دون تمييز بين الرجال أو النساء، على الأطفال أو الكبار أو الشيوخ، من زعماء الجماعة أم من أعضائها العاديين، كما يستوي أن يقع القتل من خلال إتيان سلوك إيجابي أو سلوك سلبي، وأيا كانت وسيلته.(29) وتتداخل جريمة الإبادة في حالة القتل الجماعي مع جريمة القتل العمد، التي يشترط فيها إقدام الجاني على قتل شخص أو أكثر مما من شأنه أن تتحول معه جريمة القتل العمد إلى جريمة إبادة، وهو ما قد يثير صعوبات قانونية خاصة مع ما تنطوي عليه جريمة الإبادة من خطورة تستوجب معها فرض عقوبة أشد من جريمة القتل العمد. كما لا يختلف الركن المادي في جريمة القتل العمد عن جريمة الإبادة الجماعية من خلال وقوع الجريمة في كليهما إذا ما تم ارتكاب الفعل أو الامتناع عنه. (30)
ثانيا: إلحاق أذى "أو ضرر" جسدي أو عقلي خطير و جسيم بأعضاء الجماعة:
ويلاحظ أن هذه الصورة لا تفضي إلى الإبادة المطلقة بصفة حالة، فهي أقل جسامة من الصورة الأولى، حيث تقف عند حد الإيذاء البدني أو العقلي أو النفسي الجسيم، غير أن اشتراط الجسامة في الفعل يجعل تأثيره على وجود أعضاء الجماعة خطيرا. الأمر الذي يجعله يقترب من القتل من حيث مضمون الإبادة ويتحقق هذا الفعل بكل وسيلة، مادية كانت أم معنوية ذات تأثير مباشر على أعضاء الجماعة، مثل الضرب أو الجرح أو التشويه الذي قد يفضي إلى إحداث عاهات مستديمة أو التعذيب، كما يتمثل في تعريض أعضاء الجماعة للإصابة بأمراض معدية.(31)
الفرع الثاني: إخضاع الجماعة للظروف المعيشية القاسية
الغاية منها هلاكها أو تدميرها الفعلي كليا أو جزئيا. القصد من ذلك على سبيل المثال لا الحصر، تعمد حرمان الجماعة من الموارد التي لا غنى عنها للبقاء مثل الأغذية أو الخدمات الطبية أو طردها كلية من المنازل. ويرى جانب من الفقه القانوني أن هذه الطريقة للإبادة الجماعية التي نصت عليها اتفاقية منع إبادة الجنس البشري، تنطوي على إبادة بطيئة، ذلك أنها لا تتخذ صورة القتل أو الإيذاء الجسيم، وإنما تهدف إلى إخضاع الجماعة لظروف معيشية قاسية من شأنها القضاء عليهما ببطء، مثل عزلهم في مناطق خالية من عناصر الحياة، أو تحديد إقامتهم في مناطق موبوءة دون تمكينهم من الرعاية الطبية المناسبة.(32) ومن الملاحظ أن أركان هذه الصورة لجريمة الإبادة الجماعية حسب ملحق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن هذه الأركان تتحقق وفقا لما يأتي:
1- أن يفرض مرتكب الجريمة أحوالا معيشية معينة على شخص أو أكثر.
2- أن يكون الشخص أو الأشخاص منتمين إلى جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية معينة.
3- أن يقصد بالأحوال المعيشية، الإهلاك الفعلي لتلك الجماعة كليا أو جزئيا.
4- أن يصدر هذا السلوك في سياق نمط مماثل واضح موجه ضد تلك الجماعة من شأنه أي السلوك إحداث هلاك الجماعة.
الفرع الثالث: منع أو إعاقة النسل داخل الجماعة، أو فصل أبنائها عنها
ويكون ذلك من خلالفرض تدابير ترمي إلى منع أو إعاقة النسل داخل الجماعة،أو نقل أطفالها أو صغارها قصرا عنوة من جماعتهم إلى جماعة أخرى مثلما سنبينه في الآتي:
أولا:فرض تدابير ترمي إلى منع أو إعاقة النسل داخل الجماعة:
وينطوي هذا الفعل على إبادة " بيولوجية"، إذ يترتب عليه تحقيق فعل الإبادة البطيئة والتدريجية لأعضاء الجماعة بسبب منعها من التناسل والتكاثر والتوالد بين أعضائها مما يؤدي إلى حرمانها من التزايد والنمو والاستمرار، من خلال إخصاء الرجال وتعقيم النساء بعقاقير تفقدهم القدرة على الحمل والإنجاب أو إكراههن على الإجهاض إذا ما وقع الحمل، أو استخدام طرق أو وسائل تقضي على خصوبة الذكور.(33)
ثانيا:نقل أطفال أو صغار الجماعة قهرا وعنوة من جماعتهم إلى جماعة أخرى:
وينطوي هذا الفعل على نوع من الإبادة الثقافية، إذ يمثل هؤلاء الصغار مستقبل الجماعة الثقافي واستمرارها الاجتماعي، وعليه فإن نقلهم إلى الجماعة المعادية من شأنه وقف الاستمرار الثقافي والاجتماعي لتلك الجماعة وتعريضها للانقراض. (34) وبالرجوع إلى نص المادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة السابق ذكرها نجدها قد أشارت في الفقرة الأولى منها إلى الجريمة التامة تحت عنوان " إبادة الجنس" والتي تنصرف إلى أفعال القتل الجماعي الذي يفضي إلى إبادة أعضاء الجماعة بصفة حاله، بحيث يختفي وجودها تماما، وهي ذات الجرائم التي ارتكبها الصرب ضد مسلمي البوسنة والهرسك منذ سنة 1991م وحتى عام 1994م، ثم أعادت ارتكابها السلطات الصربية ضد المسلمين من أصل ألباني في إقليم "كوسوفا" عامي 1998 و 1999م .(35) وهي نفس الجرائم التي ارتكبتها الجيوش الفرنسية منذ احتلالها للجزائر، أشهرها ما قام به السفاح، العقيد الفرنسي بيليسيه Pelissierفي 14 جوان من عام 1845، لما أقدم على إبادة قبيلة أولاد رباح عن آخرها، لما فر أفرادها من بطش جيش الاحتلال إلى مغارة تدعى " غار الفراشيش" جنوب مدينة " تنس " بولاية الشلف، من خلال إقدام جنود هذا المجرم السفاح بيليسيه بإعــدام هذه القبيلة وحيوانـاتهم وهـم أحيـاء. وقد أورد المـؤرخ الفرنسي " أليفيار لوكورOlivier Le Cour"هذه الجريمة الإبادية الشنعاء في كتاب له تحت عنوان" الاستعمار إبادة " وصف ذلك بأنها مجازر ومحارق منظمة ومخطط لها من طرف القادة العسكريين الفرنسيين بنية التدمير والإساءة وإفناء السكان .(36) وما هذا المثال إلا واحدا من آلاف الأمثلة التي تقشعر الأبدان لذكر فضائعها طوال الحقبة الاستعمارية لبلادنا. وتعد هذه الجرائم من الجرائم الإبادية التي استهتر بها النازيون من خلال الأوامر العسكرية التي كان هتلر يسديها إلى كبار ضباطه أثناء الحرب العالمية الثانية، نذكر منها الأمر الذي وجهه هذا الأخير إلى القائد الشهير "رومل" * قائد الفيالق العسكرية في قوات الجيش النازي في 18 أكتوبر 1942 م.
والذي جاء في الجزء الثالث منه :" منذ الآن تجب إبادة الأعداء الذين يوجدون في مأموريات كومندوس سواء في أوروبا أو في إفريقيا عن آخرهم ، إذا قبضت عليهم قواتنا حتى ولو كانت مظاهر الجنود من ناحية الملبس أو مظاهر عصابات الإغارة، سواء كانوا مسلحين أم لا، أثناء القتال أو بدون قتال، وسواء كانوا قد أتوا لتنفيذ عمليتهم عن طريق البحر أو الجو أو نزلوا بالمظلات، لا فرق في المعاملة بسبب ذلك، ولا يقبل أي عضو من حيث المبدأ بالنسبة لهؤلاء الأفراد، حتى ولو تظاهـروا بالإذعان والخضوع وقت إلقاء القبض عليهم(37) .
أما بالنسبة للشروع فقد أشارت المادة الثالثة في فقرتها الرابعة إلى هذه الصورة، حيث نص المشرع الدولي على التساوي بين الشروع والجريمة التامة وذلك بهدف أن ينال العقاب كل ما تحدثه نفسه بارتكاب جريمة دولية في مهدها الأول.
فالمسؤولية الدولية تقع على مرتكب أحد الأفعال التي تفضي إلى إبادة جماعة معنية، كما تقع على من يتوقف ببساطة عند مرحلة الشروع أو المحاولة. كذلك فقد أشارت المادة الثالثة إلى اعتبار الاشتراك أو المساهمة في جريمة الإبادة، يشكل جريمة تامة قائمة بذاتها تعرض كل من يرتكبها للعقاب عليها. فالمسؤولية تقوم على كل من يصدر عنه أي فعل من أفعال المساهمة التبعية في جريمة الإبادة حتى ولو لم تقع جريمة الإبادة بالفعل فيعاقب استقلالا على التآمر،أي الاتفاق والتحريض المباشر والعلني وكل أفعال المساهمة التبعية الأخرى كالاشتراك والتدخل.
ويذهب بعض الفقهاء إلى أنه كان يكفي النص على الاشتراك في الإبادة فقط، أي التدخل أو المساهمة التبعية، دون النظر إلى التآمر والتحريض استقلالا لأنهما يدخلان بالضرورة ضمن أفعال المساهمة التبعية. (38)
المطلب الثاني: الركن المعنوي لجريمة الإبادة الجماعية:
يعد الركن المعنوي ركنا أساسيا في جريمة الإبادة الجماعية إذ بدونه ينتفي وجه التجريم عن هذه الجريمة الدولية الخطيرة، كما تتنوع مستويات المقترفين لهذه الجريمة من حكام على اختلاف مستوياتهم في هرم السلطة في أية دولة أو كانوا أفراد عاديين وعليه فإننا سنتولى دراسة هذين العاملين.
الفرع الأول: القصد الجنائي العام:
من الواضح أن جريمة الإبادة، هي جريمة مقصودة، يأخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي الذي يتكون من عنصري العلم والإرادة وهو ما تضمنته المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية التي بينت صور هذه الجريمة التي تتشكل من القصد الخاص والقصد العام، فالقصد العام يتمثل في الإرادة والعلم، إذ أن الجاني يجب أن يعلم بأن الفعل الذي يرتكبه من خلال قتله لأعضاء من الجماعة من شأنه إلحاق أذى جسدي أو معنوي خطير بأعضائها أو إخضاعهما عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا، وغيرها من الأفعال المجرمة التي تضمنتها المادة الثانية المشار إليها، ضف إلى ذلك عنصر العلم الذي يفترض أن يدركه الجاني بأن الأفعال التي ارتكبها تشكل خرقا فاضحا يهدد حياة الجماعة، ومن ثم يجب أن تنصرف إرادته للفعل الذي يؤدي إليها.(39)
الفرع الثاني: القصد الخاص في جريمة الإبادة
تتميز جريمة الإبادة الجماعية عن غيرها من الجرائم بقصدها الخاص" " Dolus- Specialis" المتمثل في الإهلاك الكلي الذي تنقسم أوجهه إلى إهلاك جسدي وبيولوجي وثقافي.
وعليه فإن انتفاء نية الإهلاك الكلي أو الجزئي ينفي توفر عنصر الجريمة المعنوي ويجردها من وصف الإبادة الجماعية مهما بلغت جسامتها، غير أن الإشكال المطروح هو البحث في طبيعة نية الجاني وتحديد معاييرها، ذلك انه غالبا مالا يتوفر الدليل الكتابي على نية الإهلاك لدى منفذي السياسات والأوامر العليا.
أما المحكمة الجنائية الدولية المؤقتة " لرواند " فقد رأت في قضية " جان بول أكايسو Jean Paul Acayesu " إمكانية الاستدلال على نية الإهلاك، من مجمل أقوال المتهم وأفعاله، أو مجمل أفعال أخرى مرتكبة من مجموعة ينتمي إليها. وقد حصرت المادة السادسة من الإتفاقية ذات الصلة بمنع الإبادة الجماعية الفئات التي تتجه صوبها نية الإهلاك بالفئات القومية، والعرقية والإثنية والدينية .
ونستأنس بقرار " أكايسو Acayesu" لتعريف الفئة الإثنية والدينية، فالأولى تضم أناسا من لغة أو ثقافة مشتركة، أما الثانية فهي تضم أشخاصا ذوي ديانة ومعتقدات وشعائر وممارسات دينية مشتركة، أما الفئات القومية والعرقية فكانت موضع جدل وانتقاد ذلك أن تعريف محكمة العدل الدولية للمجموعة القومية من خلال قضية " نتبوهم Notebohm" على أنها تتقاسم علاقة قانونية متمثلة في المواطنة والحقوق والواجبات الناشئة عنها، أنتقد لعدم شموله للأقليات الوطنية، وخلطه بين القومية والمواطنة. (40) برأت المحكمة الجنائية الدولية المؤقتة ليوغسلافيا السابقة " غوران جليسيتشي "Goran Jelisic" من تهمة الإبادة الجماعية لعدم توفر الأدلة التي تثبت نية الإهلاك واصفة الأفعال المدعى عليها، بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
المطلب الثالث: الركن الشرعي لجريمة الإبادة الجماعية:
يمكننا التعرض إلى الركن الشرعي لهذه الجريمة وفقا لما تضمنته مختلف المواثيق الدولية ذات الصلة، وأهمها كل من ميثاق " نورنمبورغ "و كذا لجنة القانون الدولي، ثم الميثاق المقنن لهذه الجريمة والمتمثل في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
الفرع الأول: الركن الشرعي لجريمة الإبادة في ميثاق نورنمبورغ
رافقت جريمة الإبادة جميع مواثيق المحاكم الجنائية الدولية كجريمة ضد الإنسانية، منذ ميثاق "نورنبورغ" دون تعريفها. وعلى الرغم من تاريخها الطويل لم تحظ هذه الجريمة بما تستحقه من اهتمام في فقه القانون الدولي لتحديد مضمونها الدقيق، باستثناء بعض الإشارات إلى اتساع عدد ضحاياها، فقد حدد " شوالب Schwelb" في تفسيره للإبادة وفقا للمادة (6/جـ) من ميثاق " نورنمبورغ " بسبب خطورتها، كونها تشكل قتلا متعمدا على نطاق واسع. و كانت لجنة القانون الدولي قد أشارت في تعليقها على جريمة الإبادة كأحد الأفعال اللانسانية في سياق تعريفها للجرائم ضد الإنسانية في المادة الثامنة عشر (18) من مسودة الجرائم المخلة بسلم البشرية وأمنها، إلى الإرتباط بين جريمتي القتل والإبادة، وإلى أن أهم ما يميزهما عن بعضهما اتجاه جريمة الإبادة بطبيعتها ضد مجموعة من الأفراد، حيث يتضمن الفعل المرتكب لقيام الجريمة عنصر التدمير الجماعي Mass Destructionالذي لا تتطلبه جريمة القتل العمد. (41)
الفرع الثاني:الركن الشرعي في اتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها
وبالرجوع إلى نص المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ، نجدها قد أغفلت تحديد العقوبات المستحقة على هذه الجريمة، تاركة ذلك للأنظمة الداخلية وفقا لمضمون المادة الخامسة منها. ويرى الفقيه " لومبواز- C.Lombois" أن ترك تحديد العقاب للقوانين الداخلية يجعل من هذه الاتفاقية دون جدوى. (42)
حيث أنه إذا ما ارتكبت الدولة نفسها جريمة في حق أحد طوائفها العرقية أو الإثنية أو غيرها وبتخطيط من سلطتها الحاكمة ، فإنه لا يمكن تصور معاقبة الدولة نفسها ، إذا لم نقل أنه من المستحيل أن يقدم الحكام وأعوانهم أمام العدالة للعقاب على ما ارتكبوه.
المطلـب الرابـع: الركن الدولي لجريمة الإبادة الجماعية:
ويعد الركن الدولي للجريمة بمثابة المعيار الأساسي الذي يميزها عن الجريمة الجنائية الداخلية، ويتألف هذا الركن من عنصرين، أولهما، شخصي ويتجسد في ضرورة أن تكون الجريمة الدولية قد ارتكبت باسم الدولة لحسابها أو برضا منها، من قبل الشخص أو الأشخاص الطبيعيين الذين يقدمون على اقتراف الفعل المجرم بناء على طلب أو أمر من الدولة باسمها أو برضا منها وثانيهما: يتمثل في أن المصلحة المشمولة بالحماية تتمتع بالصفة الدولية حيث يعد الفعل غير المشروع انتهاكا لمصالح وقيم تعد أساسية بالنسبة للمجتمع الدولي.(43)
الفرع الأول: معيار الوصف الدولي لجريمة الإبادة الجماعية:
ذهبت غالبية الفقه التقليدي إلى اعتبار الجريمة دولية إذا ما كان الفعل المرتكب مخالفا للقانون الدولي وصادرا عن الدولة ، غير أن جانبا آخر من الفقه قد اشترط الصفة الدولية لهذه الجريمة إذا ما تورط أكثر من دولة فيها، أي وجود عنصر أجنبي غير أن هذا الرأي قد أنتقد من خلال التساؤل عن حكم جرائم الإبادة التي أرتكبها النازيون الألمان ضد مواطنيهم من اليهود الألمان ، أو ليس كلا من الفاعل والضحايا في تلك الجريمة من جنسية واحدة، كما أن الجريمة لم تقع من دولة ضد دولة أخرى بحكم أن الفاعل والضحايا هم من دولة واحدة ؟ وذهب فريق آخر من الفقه إلى أن المعيار المميز للجريمة الدولية إنما يتوقف على ارتكاب عدوان جسيم على المصالح التي يحميها القانون الدولي الجنائي.(44)
الفرع الثاني: صفة المؤامرة أو التخطيط الدولي ومسؤولية الفرد الجنائية
واتجه جانب آخر من الفقه إلى إضفاء صفة المؤامرة أو التخطيط الدولي للقول بأنها جريمة دولية ، وأنتقد هذا الرأي لكون فكرة المؤامرة والتخطيط الدولي يشوبها الغموض كما أن بعض الجرائم الوطنية قد ترتكب وفقا لأسلوب التخطيط الدولي الإجرامي مثل جرائم التجسس وتزوير العملات. وتأكيدا على مبدأ المسؤولية الجنائية للفرد تجاه القانون الدولي الجنائي، فقد قامت المحكمة الجنائية ليوغسلافيا السابقة بتوجيه إتهام رسمي يوم 25 جويلية من سنة 1995 إلى زعيم الصرب بالبوسنة " كاراديتش " ووزير دفاعه وإلى زعيم صرب كرواتيا معتبرة إياهم مجرمي حرب، يتحملون مسؤولية جنائية دولية عما اقترفوه من مخالفات جسيمة أثناء النزاع المسلح الدائر في جمهورية البوسنة والهرسك.(45) كما جاء في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة "25" ما يلي: أن الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسؤولا عنها بصفة فردية، وعرضة للعقاب وفقا لهذا النظام الأساسي ويسأل الشخص جنائيا ويكون عرضة للعقاب عن أي جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال اقتراف الشخص لهذه الجريمة سواء بصفته الفردية أو بالاشتراك مع الغير،أو من خلال الأمر أو الإغراء بارتكاب أو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها،أو إذا ما أقدم على مد العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع فيها أو توفير وسائل إتيانها.(46) كما أضافت نفس هذه المادة على أنه يتابع ويعاقب أيضا على المساهمة بأية طريقة في قيام جماعة من الأشخاص يعملون بقصد مشترك، اقتراف هذه الجريمة أو الشروع فيها على أن تكون هذه المساهمة متعمدة وتهدف إلى تعزيز النشاط الإجرامي للجماعة إذا كان هذا النشاط منطويا على جريمة تدخل في اختصاص المحكمة. (47)
الخاتمة
مما سبق يتضح لنا مدى خطورة جريمة الإبادة الجماعية على أمن البشرية وبقائها، وهو ما جعل سعي المجتمع الدولي وعبر مراحل تكوينه وتطوره إلى إيجاد مختلف السبل القانونية والآليات القضائية لمواجهة هذه الجريمة التي تعتبر بحق أم الجرائم الدولية لما لها من تأثير مباشر على إفناء بني الإنسان وتهديد وجوده على أديم هذه البسيطة.
وإذا كانت مختلف الأديان والنظم قد دعت إلى نبذ المساس بحياة الإنسان الفرد، سيما العقيدة الإسلامية الغراء التي اعتبرت قتل النفس بغير حق وكأنما هو قتل الناس جميعا، لما لقداسة الروح عند خالقها وعند بني البشر، ولما للفرد من أهمية في بناء كيان الجماعة، فكيف لهذه الأديان أو النظم القانونية أن تقف موقف المتفرج على بشاعة جريمة الإبادة التي من شأنها سحق وإفناء مجموعات بشرية بأكملها؟ لا لسبب إلا لكونها تختلف عن غيرها بحكم الدين أو العرق أو الجنس وغيرها من الأسباب التي لا يستسيغها المنطق أو العقل، وعليه فقد كان المشرع إن على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الدولي صارما إزاء ملاحقة ومتابعة الجناة حتى يقطع دابر الإجرام. وحتى يكون الجناة عبرة لغيرهم من مقترفي هذه الجرائم التي تقشعر لها الأبدان.
وقد رأينا في هذه الدراسة وعبر شواهد من التاريخ ومن الحاضر المعيش كيف أن روح الكراهية والحقد التي حركتها الدوافع الدينية والعرقية أو الثقافية أو السياسية أو غيرها من الأسباب الأخرى كانت دافعا حاسما للفتك بالآخرين، وهو ما تجسد في الحقبة الاستعمارية في بلادنا من خلال تلك الجرائم الإبادية البشعة التي اقترفتها فرنسا في حق الشعب الجزائري الأعزل سيما في مجازر 08 ماي الأليمة لسنة 1945 وحرب التحرير المجيدة حيث تم فيها إبادة جماعات بكاملها من خلال دفن أفرادها وهم أحياء أو حرقهم كذلك، أو ما قامت به القوات الصربية ضد المسلمين البوسنيين في إقليم البوسنة تحركهم في ذلك الضغائن الدينية والعرقية، التي لا تبررها لا الأديان ولا الأعراف ولا الأخلاق أو القيم الإنسانية.
الهوامش:
1-منصور رحماني، الوجيز في القانون الجنائي العام. (عين مليلة: دار الهدى للنشر والتوزيع، 2003 ). ص ص: 60-61 .
2-أكرم نشأت إبراهيم، القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن. ( بيروت: الدار الجامعية للطباعة والنشر ). ص ص: 46-47.
3-عبد الله سليمان، شرح قانون العقوبات: القسم العام. الجزء الأول " الجريمة ". ( عين مليلة: دار الهدى، 1993 ). ص 50.
4-عادل قورة، محاضرات في قانون العقوبات: القسم العام للجريمة، الطبعة الثانية. ( الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 1988 ). ص 18.
5- عادل قورة ، المرجع السابق، ص19.
6- محمد عبد المنعم عبد الغني، الجرائم الدولية، دراسة في القانون الدولي الجنائي. ( الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة للنشر، 2007 ). ص ص: 182- 185.
7- محمد عبد المنعم عبد الغني، المرجع السابق، ص185.
8- بن عامر تونسي، المسؤولية الدولية ، العمل الدولي غير المشروع كأساس للمسؤولية الدولية.( الجزائر: منشورات دحلب، 1995 ). ص71.
9- كوريس يوسف داود،الجريمة المنظمة،الطبعة الأولى.(عمان:الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع،2001). ص58
Ascensio . Emmanuel Decaux et Alain Pellet, Droit International Penal. (Paris: Editions, A, Pedone, 2000). P 319.
10-محمد محي الدين، محاضرات في حقوق الإنسان. ( الجزائر: دار الخلدونية للنشر والتوزيع، 2004 ). ص39.
11- دغبوش نعمان، معاهدات دولية لحقوق الإنسان. (عين مليلة: دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، 2008 ). ص43- 46.
12-محمود شريف بسيوني و محمد السعيد الدقاق وعبد العظيم وزير، حقوق الإنسان في الوثائق العالمية والإقليمية، المجلد الأول، الطبعة الأولى. ( بيروت: دار العلم للملايين، 1988 ). ص123.
13- دغبوش نعمان، المرجع السابق، ص47.
14- عبد العزيز العشاوي، أبحاث في القانون الدولي الجنائي، الجزء الثاني، الطبعة الأولى. ( الجزائر:دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2006 ).ص ص: 179- 180.
15- محمود شريف بسيوني، وآخرون، مرجع سابق، ص 123.
16- دغبوش نعمان، مرجع سابق، ص47.
17-عبد الفتاح بيومي حجازي، المحكمة الجنائية الدولية. (مصر: دار الكتب القانونية، 2007) ص 287.
18-عبد الفتاح بيومي حجازي ، المرجع السابق، ص: 387 - 390 .
19-المرصد الوطني لحقوق الإنسان، التقرير السنوي 1997. المؤسسة الوطنية للإتصال والنشر والإشهار، سنة 1998،ص 24.
20- المرصد الوطني لحقوق الإنسان، التقرير السنوي 1996، المؤسسة الوطنية للإتصال والنشر والإشهار،سنة 1997،ص 26.
21-المرصد الوطني لحقوق الإنسان، المرجع السابق، ص ص: 26- 27.
22- سلمي جهاد، جريمة إبادة الجنس البشري بين النص والتطبيق. (عين مليلة: دار الهدى، 2009). ص: 33- 34.
23- الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، حقوق الإنسان صحيفة وقائع رقم 2، الحملة العالمية لحقوق الإنسان، جنيف، مركز حقوق الإنسان للأمم المتحدة، سنة 1996، ص 54.
24-الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، المرجع السابق، ص 54.
Coopération Internationale En Matière Pénale, Recueil des Textes, Editions du Conseil De L’Europe, F 67075 Strasbourg cedex, 1977, p 37. 25-
تقرير عن الدورة 17 للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لومي 13-22 مارس 1995. الشركة الإفريقية للقانون الدولي، ص ص: 21- 36.
26-أحمد محمد رفعت و صالح بكر الطيار، الإرهاب الدولي، الطبعة الأولى. (باريس: مركز الدراسات العربي الأوروبي، 1998). ص210.
27-عبد القادر القهوجي، القانون الدولي الجنائي، الطبعة الأولى.( بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية،2001).ص: 130- 132.
28- عبد القادر القهوجي، المرجع السابق، ص132.
29-سوسن تمرخات بكة، الجرائم ضد الإنسانية في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولى. ( بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية، 2006). ص 325.
30- محمد عبد المنعم عبد الغني، مرجع سابق، ص609.
31- عبد الفتاح بيومي حجازي، مرجع سابق، ص406.
32- عبد القادر القهوجي، مرجع سابق، ص133.
33-عبد القادر القهوجي، مرجع سابق، ص136.
34-محمد عبد المنعم عبد الغني، مرجع سابق، ص 613.
35-" استعمال الأسلحة المحرمة دوليا : الأسلحة النووية نموذجا "، منشورات المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، 2007، ص ص: 115- 116.
36-يذكر أن القائد رومل لم يطبق هذا الأمر وأحرق وثيقته.
37-عبد الفتاح بيومي حجازي، مرجع سابق، ص ص: 319- 320.
38- محمد عبد المنعم عبد الغني، مرجع سابق، ص 614.
39-سلمى جهاد، مرجع سابق، ص ص: 58- 59.
40-قيدا نجيب حمد، المحكمة الجنائية الدولية، نحو العدالة الدولية. الطبعة الأولى. ( بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية، 2006). ص: 145- 147.
41- سوسن تمرخات بكة، مرجع سابق، ص321.
42-سلمى جهاد، مرجع سابق، ص44.
43-سلمى جهاد، مرجع سابق، ص48.
44-محمود صالح العادلي، الجريمة الدولية: دراسة مقارنة. (الإسكندرية: دار الفكر الجامعي، 2002 ). ص:69- 70.
45-محمد عبد المنعم عبد الغني، القانون الدولي الجنائي. (الإسكندرية: الدار الجامعية الجديدة للنشر، 2008). ص ص:152- 154
46-عمر سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، الطبعة الثالثة. ( الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 2003 ). ص : 236- 237.
47-عبد العزيز العشاوي، محاضرات في المسؤولية الدولية. ( الجزائر: دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2006 ).ص 148
قائمة المراجع
أولا: المراجع باللغة العربية
1-أحمد محمد رفعت، صالح بكر الطيار، الإرهاب الدولي، مركز الدراسات العربي الأوروبي، باريس، ط.1، سنة 1998.
2- أكرم نشأت إبراهيم، القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن، بيروت، لبنان، الدار الجامعية للطباعة والنشر.
3- بن عامر تونسي ، المسؤولية الدولية ، العمل الدولي غير المشروع كأساس المسؤولية الدولية ، منشورات دحلب، سنة 1995.
4- دغبوش نعمان، معاهدات دولية لحقوق الإنسان، عين مليلة، الجزائر، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، سنة 2008.
5-عادل قورة ، محاضرات في قانون العقوبات ، القسم العام للجريمة، الطبعة 2، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، سنة1988.
6-عبد الفتاح بيومي حجازي، المحكمة الجنائية الجنائية الدولية، مصر، دار الكتب القانونية، سنة2007.
7-عبد القادر القهوجي، القانون الدولي الجنائي، الطبعة1، بيروت لبنان ، منشورات الحلبي الحقوقية.
8-عبد العزيز العشاوي ، أبحاث في القانون الدولي الجنائي الجزء الثاني ، الطبعة الأولى، الجزائر، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، سنة2006.
9-عبد العزيز العشاوي، محاضرات في المسؤولية الدولية. ( الجزائر: دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، 2006 ). ص 148
10عبد الله سليمان، شرح قانون العقوبات، القسم العام.الجزء الأول " الجريمة " ، عين مليلة، الجزائر، دار الهدى، سنة 1993.
11- عمر سعد الله، مدخل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، الطبعة الثالثة، سنة 2003 .
12- كوريس يوسف داود، الجريمة المنظمة، الطبعة 1، عمان، الأردن، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، سنة 2001.
13- سلمي جهاد، جريمة إبادة الجنس البشري بين النص والتطبيق. (عين مليلة: دار الهدى، 2009).
14- سوسن تمرخات بكة، الجرائم ضد الإنسانية في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.الطبعة الأولى. ( بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية، 2006).
15- محمود شريف بسيوني، محمد السعيد الدقاق، عبد العظيم وزير، حقوق الإنسان في الوثائق العالمية والإقليمية ، المجلد 1، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، دار العلم للملايين، سنة 1988.
16- محمد عبد المنعم عبد الغني، الجرائم الدولية، دراسة في القانون الدولي الجنائي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، مصر، سنة 2007.
17-محمد عبد المنعم عبد الغني، القانون الدولي الجنائي، الإسكندرية، مصر، الدار الجامعية الجديدة للنشر.
18- منصور رحماني، الوجيز في القانون الجنائي العام، عين مليلة، الجزائر ، دار الهدى للنشر والتوزيع، سنة 2003.
19-محمد محي الدين، محاضرات في حقوق الإنسان، الجزائر، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، سنة 2004.
20-محمود صالح العادلي، الجريمة الدولية ( دراسة مقارنة)، مصر، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، سنة2002.
21-قيدا نجيب حمد، المحكمة الجنائية الدولية، نحو العدالة الدولية، ط.1، بيروت لبنان، منشورات الحلبي الحقوقية، سنة 2006.
ثانيا: المقالات في الدوريات
1-المرصد الوطني لحقوق الإنسان، التقرير السنوي 1997 ، المؤسسة الوطنية للإتصال والنشروالإشهار، سنة 1998.
2- المرصد الوطني لحقوق الإنسان، التقرير السنوي 1996 ، المؤسسة الوطنية للإتصال والنشر والإشهار، سنة 1997.
3- الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، حقوق الإنسان صحيفة وقائع رقم 2، الحملة العالمية لحقوق الإنسان، جنيف، مركز حقوق الإنسان للأمم المتحدة، سنة 1996.
4- الأسلحة النووية نموذجا ، منشورات المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، سنة 2007.
ثالثا: المراجع باللغة الأجنبية
-Ascensio, Immanuel Decaux et Alain Pellet, Droit
International Pénal- Editions, a, Pedone Paris, 2000.
- Coopération Internationale En Matière Pénale, Recueil des Textes, Editions du Conseil de L’Europe, F 67075 Strasbourg cedex, 1977, p 37.
|