جريمة الاختفاء القسري بوصفها جريمة ضد الإنسانية

 
 
 
 
 

 

جريمة الاختفاء القسري

بوصفها جريمة ضد الإنسانية

 

الباحث

زياد خالد علي

                                             

 

المقدمة

 

( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها  قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها ) .

 

    الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده وعلى اله وصحبه وجنده ومن تبعه بإحسان إلى جنه خلده  وبعد ...

أضحت العلوم الإنسانية مهمة و واسعة وشاملة حتى غدت تستغرق كل النواحي في الحياة ولا نكون مخطئين إن قلنا أن أهم تلك العلوم هي العلوم القانونية فلا نغالي إن قلنا أن القانون أصبح هو الحياة لأنه الضمانة الأساسية لنجاح المجتمع والدولة والفرد ولهذا فلا نجد موضوعا من مواضيع الحياة إلا وعالجه القانون أو على الأقل حاول معالجته ويسعى كي يحافظ عليه ويحميه ...

والقانون الجنائي الدولي وهو من فروع القانون الدولي بل يكاد أهمها حديث النشأة لذا فهو يرتبط فنيا بالقانون الجنائي لأنه يستمد المبادئ العامة من هذا الفرع لحداثة القانون المتقدم ذكره , لذلك فان دراسة أي جريمة دولية تستند في الغالب على المبادئ العامة في القانون الجنائي في معناه الواسع لذلك فإننا سنعتمد في بحثنا لأركان الجريمة وشروطها على الفقه الجنائي.

وسيكون مدار بحثنا الموسوم جريمة الاختفاء القسري معتمدا على تلك الشروح في الغالب لقلة ما كتب في هذا المجال عموما ولقلة المؤلفات العربية بوجه الخصوص وهو احد مشاكل البحث الكبيرة التي واجهتنا حال الشروع بالبحث والترتيب ويرجع ذلك كما قلنا لحداثة القانون الجنائي الدولي من جهة ولحداثة الجريمة من جهة أخرى لان جريمة الاختفاء القسري وهي إحدى الجرائم الموصوفة بأنها جرائم ضد الإنسانية لم تظهر إلى حيز التجريم إلا بعد عام 2006 تحديدا بعد المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي دخلت حيز التنفيذ بموجب القرار رقم 11177 المؤرخ في 20 كانون الأول 2006 على الرغم من صدور إعلان عالمي بهذا الخصوص قبل هذا التاريخ إلا أن الجريمة لم تأخذ مكانها الصحيح إلا بعد المصادقة على هذه الاتفاقية ولعل ذلك يرجع إلى أن التصديق يكون ملزما للدول في حين أن الإعلان لا يوفر ذلك الإلزام في مواجهة الدول وعلى الرغم من صدور الاتفاقية الأمريكية بشان الاختفاء القسري قبل هذا التاريخ وتحديدا في عام 1996 إلا أن هذه الاتفاقية إقليمية لا يمتد أثرها إلى الجماعة الدولية بشكل عام بل يحكم الدول المنضوية تحت الإقليم أو المنظمة الإقليمية التي اعتمدته ولا يلزم إلا من صادق على الاتفاقية من داخل الإقليم ذاته ولهذا فتكون الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 هي الشرعة الأساسية المجرمة لهذا الفعل .

لذا فإننا سنحاول البحث في هذه الجريمة مستعينين بالمصادر المتوفرة لدينا في القانون الجنائي الدولي إضافة إلى القانون الجنائي ومستندين إلى أهم الوثائق والاتفاقيات والصكوك الدولية في هذا الشأن وسنقسم بحثنا إلى فصلين نخصص الأول لماهية جريمة الاختفاء القسري والذي سنبحثه في مبحثين يكون الأول لتعريف الجريمة لغة واصطلاحا ويكون المبحث الثاني لركني جريمة الاختفاء القسري المادي والمعنوي , وسنورد في الفصل الثاني التنظيم القانوني لجريمة الاختفاء القسري والذي سيكون في مبحثين نخصص الأول لما يدخل في نطاق الاختفاء القسري أي حالاته وشروطه ثم نخصص المبحث الثاني للحقوق التي يسلبها الاختفاء القسري موردين ذلك بمطلبين يكون الأول لأبرز الحقوق التي يسلبها الاختفاء القسري والثاني للجزاءات والضمانات المتوفرة لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري وهي لا تخرج عن الجزاء العقابي والجزاء المدني ...

نسال الله أن يوفقنا في ذلك خدمة للعلم والإنسانية , والله ولي التوفيق.

 

 

الباحث

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأول

ماهية جريمة الاختفاء القسري

     إن دراسة ماهية الشيء تقتضي البحث في تعريفه و أركانه لذا فإننا سنبحث ماهية جريمة الاختفاء القسري في مبحثين يكون الأول للتعريف بالجريمة والثاني لأركان هذه الجريمة .

المبحث الأول

التعريف بالاختفاء القسري

      إن جريمة الاختفاء القسري من اخطر الجرائم التي ظهرت في الوجه الإنساني كما وتعد ظاهرة الاختفاء القسري ظاهرة استثنائية ذات طبيعة خاصة وتكمن خطورتها في انتشارها عبر العالم حتى أن معالمها أو تعريفها غير واضح لان تسمية هذه الجريمة ناتجة عن ترجمة حرفية للمصطلح الاسباني Desaparecido أي الشخص المختفي (1) .

لذا فإننا سنحاول وضع تعريف لها مفصلين تعريفها اللغوي في مطلبنا الأول ونورد التعريف الاصطلاحي في المطلب الثاني .

المطلب الأول

التعريف اللغوي للاختفاء القسري

    إن مصطلح الاختفاء القسري مكون من جزأين وهما يشكلان مصطلح مفهوم ومعروف لدى ذوي الاختصاص القانوني لكن عند الآخرين يثير اللبس والغموض لمفارقة المعنى اللغوي المورد لهذا المصطلح لحقيقة الواقع , وعند تحليلنا لهاتين الكلمتين نجد أن :

الاختفاء : وهو مأخوذ من ( خفي – خفيا – وخفيا ) الشيء أظهره يقال (خفي المطر الفار ) أي أخرجها من جحرها .أو بمعنى ستره وكتمه ( خفي و أخفى) الشيء ستره وكتمه يقال ( اخف عنا ) أي ستر الخبر عند سالك عنا .وأخفى الرجل استتر وتوارى , وأخفى الشيء إزالة خفاه أي غطاه و(الخفاء) مصدر ضد الظهور (2) لذا فان استعمال لفظ ( الاختفاء ) كان

غير موفق لأنه ترجمة حرفية لا توفر المعنى المقصود والأفضل استخدام لفظ ( الإخفاء ) بدلا من (الاختفاء) لان الأخير يشير إلى طابع الإرادية .

القسري : وهو مأخوذ من  ق س ر – ( قسره ) على الأمر اكرهه علية وقهره وبابه ضرب وكذا ( اقتسره ) عليه . و ( القسورة ) الأسد ومنه قوله تعالى ( فرت من قسورة ) (3) .

يتضح لنا وبالجمع بين اللفظين ومع انتقادنا للفظ الأول أن الأصح أن يستخدم مصطلح ( الإخفاء القسري ) بدلا من ( الاختفاء القسري ) لان الأول يدل على ستر الشيء وإخفائه رغما عنه وبطريقة قهرية إما الثاني والذي استعمل بشكل واسع في الشروح والدراسات فهو يشير إلى طابع الإرادية أي وكأن الإنسان يختفي بإرادته فلا نكون إزاء جريمة وقد اخذ قانون المحكمة الجنائية العراقية باللفظ الأول .وبالجمع بين اللفظين يكون التعريف اللغوي الذي نقترحه هو ( الإرغام على الستر أو عدم الظهور ) .

المطلب الثاني

التعريف الاصطلاحي للاختفاء القسري

     يقصد بالاختفاء القسري الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولية أو مجموعات من الإفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها , ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده , مما يحرمه من حماية القانون (4) يتضح من التعريف أعلاه انه جمع كل الحالات التي تشكل اختفاء قسري حيث أورد صورها وهي الاعتقال والاحتجاز والاختطاف ثم أضاف غير مكتفي بما أورده من التعداد بقوله أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية وهو بذلك فتح الباب على مصراعيه لمواكبة التطور في أساليب الاختفاء التي ربما تظهر لاحقا , لكن كان من الأفضل أن لا يسهب النص في ذكر الصور وكان يكفي أن يقول بأنه أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية لان هذا اللفظ مشتمل على كل الصور المتقدمة من احتجاز واعتقال واختطاف , إضافة إلى أن اشتراط وقوع فعل الاختفاء من قبل أجهزة الدولة أو عن طريق أجهزة متصلة بها أو موافقتها اتجاه منتقد ذلك أن الجريمة تهدد الحرية بشكل عام و لافرق في كون الجهة المرتكبة تابعة للدولة أو لا لان ذات الفعل محرم على الرغم من أن بعض المختصين قد يرون بان الأفعال التي ترتكب من غير جهات الدولة أو التابعة لها معاقب عليها بالنصوص الجنائية الداخلية إلا أننا نرد على ذلك بان الحماية المقررة في نطاق القانون الدولي الإنساني تكون أوسع لأنها لا تعاقب الفاعلين فقط بل كل من وصل إلى علمه وقوع الجريمة بوصفه مسئولا ولم يتخذ موقف تجاه هذا الفعل المجرم .

 

 

 

والشرط الأخير الذي وضعته الاتفاقية الدولية في المادة الثانية هو أن ترفض الجهة التي قامت بالفعل الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده مما يحرمه من حماية القانون , وهذه هي الصور التي تشكل اختفاء قسري لكن ماذا لو أعلنت الجهة المسئولة عن الحجز مثلا إنها أطلقت سراح المحتجز وبينت ذلك بأوراق رسمية ومع ذلك لم يظهر الشخص للوجود بعد حالة الاختفاء هل يعتبر هذا الفعل صورة من صور الاختفاء القسري ؟ الجواب برأينا أن هذه الواقعة تمثل صورة من صور الاختفاء القسري وان اعترفت الجهة المحتجزة بأنها كانت تحتجز الشخص إلا أنها أطلقت سراحه إلا أن هذا الاعتراف لا يقدح بالجريمة كما أن إطلاق السراح لا ينفي الجريمة لان مصير الشخص بقي مجهولا وقد تزامن الرفض هنا مع حالة الاختفاء وهو احد أركان الجريمة (5) .

وذهبت الاتفاقية الأمريكية بشان الاختفاء القسري لسنة 1996 إلى تعريفه بأنه ( هو حرمان شخص أو أشخاص من حريته أو حريتهم - أيا ما كانت -يرتكبه موظفو الدولة أو أشخاص أو مجموعات من الأشخاص الذين يعملون بتفويض أو تأييد أو موافقة الدولة ويتبع ذلك انعدام المعلومات أو رفض الاعتراف بذلك الحرمان من الحرية أو رفض إعطاء المعلومات عن مكان ذلك الشخص ومن ثم إعاقة لجوئه إلى الوسائل القانونية واجبة التطبيق والضمانات الإجرائية ) (6) ويلاحظ أن هذا النص أوجز إذ عبر بلفظ ( حرمان شخص أو أشخاص من حريته أو حريتهم ) أما في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري فقد عدد صور ( الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف ... الخ ) والنص المتأخر استعمل هذه العبارات للتمثيل لان معنى الحرمان من الحرية قد اسفرغ كل الأوصاف

المتقدم ذكرها فلا حاجة لإيرادها بهذا الشكل كما أسلفنا .

      كما أن الاتفاقية الأمريكية نصت على إعاقة لجوئه إلى الوسائل القانونية واجبة التطبيق والضمانات الإجرائية أما الاتفاقية الدولية فقد نصت على حرمانه من حماية القانون وهذا التعبير أوسع واشمل من التعبير الأول وهو اتجاه موفق وسليم لأنه ادخل ضمن نطاقه حماية كل من القانون الداخلي والدولي إن صح التعبير وهذا المذهب نراه واضحا بالرجوع للإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992 حيث جاء فيه ( إن عمل الاختفاء القسري يحرم الشخص الذي يتعرض له من حماية القانون ..... وهو ينتهك قواعد القانون الدولي ) (7) إشارة إلى الفرق بين القانون الداخلي والقانون الدولي إذا فالحماية في نص الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري كانت أكثر وأفضل من النص الوارد بشان الحماية في الاتفاقية الأمريكية بشان الاختفاء القسري للأسباب المتقدم ذكرها .

 

المبحث الثاني

أركان جريمة الاختفاء القسري

 

         إن ابرز معالم جريمة الاختفاء القسري بوصفها إحدى الجرائم ضد الإنسانية شانها في ذلك شان كل الجرائم الأخرى تكمن في ركنين أساسيين هما المادي والمعنوي خاصة بعد المصادقة على اتفاقيات تجرم هذا الفعل وتوجب على الدول محاربته و وضع حد له مما وفر له الركن الشرعي الذي لا كلام فيه هنا لأنه مجرد نص مجرم لفعل معين وقد توفر هذا النص في الاتفاقيات والمواثيق والإعلانات الدولية فلا حاجة لذكر هذا الركن هنا لذا فإننا سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص الأول للركن المادي لجريمة الاختفاء القسري أما الثاني فسيكون في الركن المعنوي لهذه الجريمة .

 

 

 

 

المطلب الأول

الركن المادي لجريمة الاختفاء القسري

       إن ظاهرة الاختفاء القسري تأخذ صورا متعددة وذلك بالرجوع إلى الاتفاقية الدولية والإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وهي ذات طبيعة معقدة إذ يستدعي ارتكاب هذه الجريمة مساهمة أكثر من شخص واحد في تنفيذ هدف مشترك إذ جاء في معنى ذلك ترتب المسئولية المدنية على عاتق مرتكبي أفعال الاختفاءات القسرية (8) وتتجلى الطبيعة المعقدة لظاهرة الاختفاء القسري إضافة لذلك في طبيعة الركن المادي الذي يتطلب استيفائه فعل وامتناع عن فعل ونعني بالفعل القيام بالقبض أو الاحتجاز لشخص أو أكثر ونعني بالامتناع رفض الإقرار بحرمان الشخص أو الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم (9) كما أن الركن المادي للجريمة هو سلوك إجرامي بارتكاب فعل جرمه القانون أو الامتناع عن فعل أمر به القانون ولا بد لتحقق الجريمة من توافر هذا الركن لقيامها وبدونه لا يمكن تصور الجريمة وبالتالي لا تجوز كقاعدة عامة المعاقبة (10) وعناصر أي جريمة هي توافر تصرف مادي بإتيان الفعل أو امتناعه عن إتيان الفعل الذي أمر به وان يكون هذا الفعل غير مشروع صادرا عن إرادة جنائية معتبرة ويجب إن يجرم المشرع ذلك (11)  وبما أن الاختفاء القسري جريمة نصت عليها المواثيق الدولية فهي مشتملة على كافة العناصر التي تتطلبها الجريمة كي تقوم بذاتها , وقد جاء في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في المادة السابعة (1- تفرض كل دولة طرف عقوبات ملائمة على جريمة الاختفاء القسري تأخذ في الاعتبار شدة وجسامة هذه الجريمة . 2- يجوز لكل دولة ما يلي : أ- الظروف المخففة .... ب- الظروف المشددة ....) ويلاحظ أن التخفيف لا يطبق إلا بتحقق شرط مهم جدا وهو مساهمة الفاعل في إعادة الشخص المختفي وهو على قيد الحياة أو

إيضاح ملابسات حالات الاختفاء القسري التي حصلت أو في تحديد هوية المسئولين عن الاختفاء القسري , ونحن نرى بان مذهب التخفيف صحيح جدا في الحالة الأولى وهي إعادة المختفي حيا أما في الحالة الثانية وهي توضيح الملابسات فلا نرى منه جدوى على الرغم من انه قد يقود إلى معرفة المسئولين عن الجريمة إلا انه لن يفيد المختفي بشيء سوى الحق بالتعويض المدني الذي يمنح له أو لعائلته والأمر يرجع للقضاء في تقدير أهمية المساعدة التي يقدمه الفاعل وهل تستحق التخفيف أم لا .

أما الفقرة الخاصة بظروف التشديد في مذهب موفق ولا غبار عليها لخطورة الجريمة على المجتمع وعلى الإنسان بصورة خاصة وهذا ما تؤكده المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية حيث جعلت مدة التقادم تكون أطول بالنسبة للتشريعات التي تأخذ بنظام التقادم و ألزمت بجعل هذه المدة طويلة وتبدأ عند نهاية جريمة الاختفاء القسري نظرا لطابعها المستمر .

وقد كان موقف الاتفاقية الأمريكية بشان الاختفاء القسري للأشخاص متوافقا مع الاتفاقية الدولية بشان ظروف التشديد والتخفيف حيث نصت المادة الثالثة على ( ويجوز للدول الأطراف أن توفر الظروف المخففة للأشخاص الذين شاركوا في الأفعال التي تشكل الاختفاء القسري عندما يساعدون في جعل الضحية تظهر من جديد على قيد الحياة أو يقومون بتوفير المعلومات التي تلقي الضوء على الاختفاء القسري لشخص ما ) ويلاحظ أن هذه المادة لم تذكر تحديد هوية المسئولين عن الاختفاء القسري كما ذهبت المادة السابعة من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري , والدليل على ذلك هو ما جاء في الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الصادر سنه 1992 حيث جاء نص المادة الرابعة منه خاليا من النص على معرفة هوية المسئولين عن الاختفاء القسري (12) وقد تم تدارك ذلك في الاتفاقية الدولية الصادرة عام 2006 وهو مذهب موفق وصحيح لان المسئول هو المحرك لهذه الجريمة .

وقد قلنا بان جريمة الاختفاء القسري يغلب فيها طابع الاشتراك إذا لابد أن تتم من مجموعة أشخاص غالبا فيسال هذا المشترك سواء كان محرضا أو مساعدا أو متفقا ويلاحظ هنا أن صور تعدد الفاعلين هي ثلاثة صور الأولى أن يقوم كل واحد منهم بارتكاب الفعل نفسه أي ان يقوموا مجتمعين

 

 

بارتكاب الفعل المكون للجريمة (13) أما الصورة الثانية فهي تعدد الفاعلين مع ارتكاب كل منهم لجزء من ماديات الجريمة أي أنهم قد وزعوا الأدوار فيما بينهم (14) والصورة الثالثة للتعدد هي ارتكاب احد الفاعلين فعلا يجعله مساهما مباشرا في تنفيذ الجريمة أي انه قد أتى فعلا مستقلا عن الفعل المادي ولكنه ضروري في تنفيذ الجريمة (15) وعلى هذا يمكن أن يسال الشخص عن ارتكاب جريمة الاختفاء القسري إذا ما توفر الركن المعنوي المطلوب في إحدى الحالات الثلاثة الآتية :

  • 1-ارتكاب الجريمة عن طريق القيام بالفعل : وفي هذه الحالة يقوم مرتكب الجريمة بالقبض أو الاحتجاز أو الاختطاف لشخص أو أكثر شريطة أن يعقب هذا القبض أو الاحتجاز أو الاختطاف أو يتزامن معه رفض الإقرار بحرمان الشخص من حريته يصدر عن طرف أخر في الجريمة .
  • 2-ارتكاب الجريمة عن طريق الامتناع عن الفعل : ويقوم مرتكب الجريمة في هذه الحالة برفض الإقرار بحرمان الشخص أو الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن تواجدهم شريطة أن يسبق هذا الرفض أو يتزامن معه حرمان الشخص أو الأشخاص من الحرية البدنية يعلم به الفاعل .
  • 3-ارتكاب الجريمة عن طريق القيام بالفعل والامتناع عن الفعل: ويقوم مرتكب الجريمة في هذه الحالة بالقبض على الشخص أو احتجازه أو اختطافه ثم يرفض لاحقا الإقرار بحرمان الشخص من حريته أو الإقرار بمكان وجوده أو مصيره .

     ولا عبرة في الحالات الثلاثة السابقة بمكان الاحتجاز فقد يكون سجنا أو معتقلا أو منزلا أو قبرا , كما لا عبرة فيما إذا كان هذا الاحتجاز مشروعا بداية أو غير مشروع لأنه حتى إن كان مشروعا بداية فانه يتحول لاحتجاز غير مشروع حالة رفض الإقرار بمصير الشخص المحتجز وان كانت

 

 

معظم عمليات الاحتجاز في الاختفاء القسري تتم بشكل غير مشروع (16) . وقد يثور تساؤل مهم في هذا المجال حول مسالة عدول احد المشتركين عن الجريمة فهل يكون له تأثير على المسئولية ؟ وللجواب على ذلك نطرح سؤال مهم أيضا هل سيؤدي هذا العدول إلى انتفاء الجريمة ؟ فإذا كان الجواب بالنفي فلا يكون للعدول أي تأثير لأنه لم يعدم الجريمة وتبقى المساهمة متحققة وقائمة ويسال صاحبها على الرغم من العدول لان هذا الأخير قد جاء بعد فوات الأوان أي بعد تحقق الجريمة (17) أما إذا كان الجواب بان العدول سيؤدي إلى انتفاء الجريمة فلا تتحقق المسئولية هنا لانتفاء الجريمة أصلا .

ويجب أن نذكر مسالة مهمة أيضا في هذا الشأن وهي تصور وقوع حالة الفاعل المعنوي ويقصد به من يسخر غيره لارتكاب الجريمة منتهزا نقطة ضعف فيه كحسن نيته أو عدم إدراكه لصغر سنه أو لجنون أو عته أو أي عاهة عقلية فيحرضه على ارتكاب الجريمة وتقع الجريمة بناءا على هذا التحريض ويبرر مؤيدو نظرية الفاعل المعنوي وجهة نظرهم بالقول بان القانون يسوي بحسب الأصل بين كافة الوسائل المستخدمة في ارتكاب الجريمة وان المجنون أو الصغير أو حسن النية ما هم إلا أدوات استخدمها المحرض في تحقيق غرضه الإجرامي (18) كما إن الفاعل هنا قد يكون أداة طيعة في يد الشخص المحرض أو الذي استخدمه فهو يسخره للقيام بالأمر التنفيذي لحسابه كيف ما شاء (19) ومن أمثلة ذلك هو إصدار أمر من قبل احد المسئولين لأحد الأفراد العاملين تحت إمرته أو لمجموعة منهم بتنفيذ أمر بإلقاء القبض على شخص أو مجموعة أشخاص ونقلهم لمكان معين فهنا من الناحية العملية فان الأفراد الذين نفذوا الأمر قد شاركوا في عملية الاختطاف أي في جريمة اختفاء قسري دون علمهم المسبق بذلك أي أنهم نفذوا هذه الأوامر بحسن نية ضنا بان الأمر قد صدر بشكل شرعي ومستوفي للشروط القانونية ولم يكونوا مدركين بان الأمر صدرا مخالفا للقوانين ومما يزيد الطين بله أن اغلب الأنظمة العسكرية تكون صارمة في جانب مخالفة الأوامر الصادرة من رئيس تجب طاعته , أما من الناحية

النظرية فانه يكون غير مسئول لأنه حسن النية هنا ولا يعلم بان الأمر الذي صدر إليه من رئيسه المباشر كان مخالفا للقانون وفيه خرق للنظام ونحن نرى وبالاستناد إلى الحجج المذكورة سابقا يمكن إعفاء مرتكب هذا الفعل من المسئولية واعتباره وسيلة لا فاعلا بتحقق شرطين هما :

 

  • 1-نفي سوء النية أمام المحكمة المختصة .
  • 2-إبلاغ الجهات المختصة عن الجريمة حال اكتشافه لها أو التقدم طوعا للمساعدة على كشف معالمها حال التحقيق فيها .

 

وبغير تحقق هذين الشرطين لا يمكن إعفائه من المسئولية أبدا لكن يمكن أن يشكل ذلك ظرفا مخففا والأمر متروك للقضاء لتقدير كل حالة على حدا .

     وتجدر الإشارة إلى أن جانب من الفقه قد أنكر وقوع الجريمة عن طريق الامتناع في جرائم معينه لان العدم لا ينتج إلا العدم (20) ويتمسك أصحاب هذا الرأي بالتصوير الواقعي المادي للسلوك الذي يحدث تغييرا في العالم الخارجي وان كان لكلام هذا الجانب من الفقه نوع من الصحة في بعض الجرائم إلا انه غير صحيح في جريمة الاختفاء القسري وتحديدا في حالة الامتناع لان مجرد الإحجام عن اطلاع ذوي المجني عليه عن مصيره يعتبر جريمة كما ورد في المقطع الأخير من المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006 ( أو  إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده مما يحرمه من حماية القانون ) .

وأخيرا يجب أن تتحقق النتيجة الإجرامية لجريمة الاختفاء القسري (حرمان من الحرية مع حرمان من حماية القانون أو الوفاة مع الحرمان من حماية القانون ) وان تتوافر العلاقة السببية بين الفعل أو الامتناع عن الفعل والنتيجة إذ لو انتفت العلاقة السببية بين الفعل أو الامتناع عن الفعل والنتيجة قلا يمكن هنا أن نقول بوجود جريمة وهذا تطبيق للقواعد العامة في القانون الجنائي .

 

 

 

المطلب الثاني

الركن المعنوي لجريمة الاختفاء القسري

 

      ينصرف مدلول الركن المعنوي إلى الجانب النفسي للجريمة أي الإرادة التي يقترن بها السلوك ويستوي أن تتخذ صورة القصد الجنائي أم صورة الخطأ غير ألعمدي وفي الحالة الأولى توصف الجريمة بأنها عمديه وفي الحالة الثانية توصف الجريمة بأنها غير عمديه و وصف الإرادة بأنها إجرامية نظرا لان صاحبها يقترف إثما جنائيا سواء اتخذ صورة القصد الذي يجعل الجريمة عمديه أم اتخذ صورة الخطأ فتكون الجريمة غير عمديه لذا كان صدور السلوك غير المشروع عن إرادة إجرامية هو الذي يحقق من الجريمة ركنها المعنوي وينم عن الرابطة النفسية بين السلوك ومن صدر عنه (21) وان الحد الأدنى للركن المعنوي ذلك الحد الذي لا يمكن مطلقا النزول تحته وهو أهلية الفهم ( التمييز ) والإرادة الحرة ولكن فوق هذا الحد هنالك درجات عديدة في التحليل السيكولوجي لسلوك الفرد وفي تقدير الخطأ المعنوي الذي يستطيع أن يقترفه وبناء على هذا يتضح جليا أن الركن المعنوي يمكن أن يكون في صور عديدة متغيرة تغيرا كبيرا فتجاه جريمة معينة ينبغي أن ندرك نوع الركن المعنوي فيها لأنه طبقا لهذا النوع وطبقا لدرجة الخطأ المسند إلى الفاعل يمكننا تكييف الواقعة بالرغم من أن الركن المادي فيها هو نفسه لم يتغير (22) .

وعند تطبيق هذا المبدأ على جريمة الاختفاء القسري يمكن استنادا الى ما جاء في أركان الجريمة التمييز بين الحالات الثلاثة التالية للقصد العام في هذه الجريمة :

  • 1-إذا قام مرتكب الجريمة بالفعل ( الحرمان من الحرية ) فيجب أن يتوفر لديه العلم والإرادة للفعل والنتيجة إضافة لعلمه بان هذا الحرمان من الحرية البدنية سيليه في سير الأحداث العادية رفض الإقرار بمصير الشخص المحروم من الحرية .

     

    2-    إذا قام مرتكب الجريمة بالامتناع عن الفعل ( رفض الإقرار ) فيجب أن يتوفر لديه العلم والإرادة لان يقوم بهذا الرفض إضافة لعلمه بأنه يسبق هذا الرفض حرمان من الحرية .

     

  • 3-إذا قام مرتكب الجريمة بالفعل والامتناع عن الفعل فسيكون عليه أن يعلم بجميع أركان الجريمة وان تتجه إرادته إلى حرمان الضحية من حريتها وإنكار هذا الحرمان .

وبعيدا عن القصد العام في هذه الجريمة تجدر الإشارة إلى ما قد تثيره عبارة ( أن ينوي مرتكب الجريمة منع الشخص أو الأشخاص من الحماية التي يكفلها القانون لفترة طويلة من الزمن ) والمذكورة في تعريف الجريمة وأركانها من خلاف فقهي بين من سيعتبرونها قصدا خاصا مشترطا في هذه الجريمة ومن سينكرون عليها هذا الوصف وان البعض يرى فيها اشتراطا لقصد خاص مستندين إلى تعريف الجريمة خاصة أن اتجاه نية مرتكب الجريمة للحرمان من حماية القانون لفترة زمنية طويلة لم تكن امرأ مشترطا في إعلان الأمم المتحدة (23) على الرغم من أن نص المادة واحد من الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في فقرتها الثانية ( إن عمل الاختفاء القسري يحرم الشخص الذي يتعرض له من حماية القانون ... ) إلا انه لم يورد القصد الذي يذهب إليه الفاعل من رغبة بحرمان الشخص من حماية القانون وكذلك فان الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ذهبت نفس المذهب إذ نصت في المادة الثانية ( ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده مما يحرمه من حماية القانون ) وهذا مذهب صحيح ونحن نتفق معه لأنه لم يشترط ركن خاصا وهو قصد الحرمان إذ أن تحقق الأركان وحدها كافية لذلك أي تحقق القصد العام فقط وهو العلم والإرادة ونحن نرى أن نص الاتفاقية الأمريكية بشان الاختفاء القسري للأشخاص هو الذي استند إليه الفقهاء وقالوا بوجود قصد خاص في الجريمة بناءا على المادة الثانية ( رفض إعطاء المعلومات عن مكان ذلك الشخص ومن ثم إعاقة لجوئه إلى الوسائل القانونية واجبة التطبيق والضمانات الإجرائية ) لا نص الاتفاقية الدولية أو الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري .

وعلى كل حال تعد هذه العبارة إضافة هامة جدا لتمييز جريمة الاختفاء القسري عن الاحتجاز غير المعترف به من قبل السلطات الذي يتم لأسباب مشروعة على الصعيد الوطني والدولي , كما في حالة قيام السلطات بعدم الاعتراف بوجود الشخص حماية له من الآخرين أو لمنع التواطؤ أو المؤامرة أو لتامين أدلة معينه أو منع ورود معلومات .

 

وتجدر الإشارة إلى الصعوبات التي تكتنف إثبات وجود الركن المعنوي لدى مرتكب الجريمة حيث لن يكون من السهل على هيئة المحكمة إثبات القصد العام فضلا عن إثبات اتجاه نية مرتكب الجريمة لحرمان الضحية من حماية القانون فترة طويلة من الزمن خاصة فيما يتعلق بمرتكبي الجريمة الذين يعملون في المراحل المختلفة للعملية (24) ولا بد من الإشارة أخيرا إلى الركنين الأساسيين من أركان الجريمة والذين يشيران إلى الطبيعة السياسية الخاصة للجريمة والغرض السياسي المراد تحقيقه من ورائها خاصة إن الضحايا هم دائما معارضون سياسيون أو أقارب لمعارضين سياسيين لدولة أو منظمة سياسية كما أن الركن الشرعي قد توفر لهذه الجريمة خصوصا بعد دخول الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 حيز التنفيذ وان معنى الركن الشرعي هو الصفة غير المشروعة للسلوك والتي تضفي عليه متى توافر أمران هما : خضوع السلوك لنص تجريم يقرر فيه القانون عقابا لمن يقترفه أضافه إلى عدم خضوعه لسبب إباحة (25) وذلك قد تحقق كما أسلفنا في جريمة الاختفاء القسري بموجب الاتفاقية المذكورة والتي دخلت حيز التنفيذ­ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61177 في كانون الأول 2006 ومن قبلها الاتفاقية الأمريكية بشان الاختفاء القسري والتي دخلت حيز التنفيذ في عام 1996 ومن قبلها الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والذي أعلنته الأمم المتحدة في قرار الجمعية العامة المرقم 47133عام 1992 .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني

التنظيم القانوني لجريمة الاختفاء القسري

 

       لاشك في أن جريمة الاختفاء القسري قد أصبحت ظاهرة للعيان مع أن معالم هذه الجريمة لا زالت يكتنفها بعض الغموض واللبس في بعض الجوانب لذا فإننا سنحاول الكشف عن ابرز هذه المعالم في هذا الفصل موردين ذلك في مبحثين نخصص الأول لنطاق جريمة الاختفاء القسري ونخصص الثاني لأبرز الحقوق التي تسلبها جريمة الاختفاء القسري .

 

المبحث الأول

نطاق جريمة الاختفاء القسري

عند بحثنا لنطاق جريمة الاختفاء القسري سنحاول تسليط الضوء على حالات الجريمة وما يعد اختفائا وما لا يعد كذلك إضافة إلى أهم الشروط التي يجب توافرها كي تعتبر الحالة اختفائا قسريا لذا فإننا سنبحث ذلك في مطلبين يكون الأول لحالات الاختفاء القسري ثم نخصص المطلب الثاني لشروط الاختفاء القسري .

 

المطلب الأول

حالات الاختفاء القسري

 

       بالرجوع إلى نص المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي نصت على ( يقصد بالاختفاء القسري الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية .... ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده مما يحرمه من حماية القانون ) يتضح من هذا النص أن حالات الاختفاء القسري تندرج تحت المسميات الثلاثة التي ذكرت إضافة إلى فتح المجال أمام أي حالة لم تظهر للواقع العملي بعد تحرم الإنسان من حريته وهذا موقف سليم وموفق وسنحاول التعرف على ابرز معالم هذه الحالات في فرع نورده لكل حالة من الحالات التي ذكرتها المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وهي الاعتقال أو الاحتجاز و الاختطاف إضافة للحالة المرنة وهي أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية .

 

الفرع الأول

الاعتقال أو الاحتجاز

      ويعني الإمساك بالشخص من قبل من وجه إليه الأمر بذلك و وضعه تحت تصرفه مده قصيرة من الزمن تمهيدا لإحضاره  إمام الجهة المختصة لإجراء اللازم (26) وهذا هو تعريف الاعتقال أو الاحتجاز القانوني والذي يتم بصورة قانونية أما الاعتقال أو الاحتجاز الذي نحن بصدد الوصول إلى مفهومه فيدرج ضمن أحكام الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي الذي لم يضع له القانون الدولي تعريفا محددا لكن قامت مجموعة العمل بتعريفه على انه اعتقال يخالف أحكام حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق المكتوبة الكبرى لحقوق الإنسان (27) ولكن مع هذا فان هذا التعريف غير منضبط لأنه لم يحدد المقصود بالوثائق المكتوبة , هل هي الوثائق الدولية الجماعية أم الفردية إضافة إلى كون أن بعض الحقوق لم ترد في المواثيق المكتوبة لذا فإننا نرى أن الأفضل أن نعرف الاعتقال أو الاحتجاز الذي يعنينا في جريمة الاختفاء القسري بأنه إمساك الشخص من قبل من وجهت إليه الأوامر بذلك بغية إبعاده عن الوسط الذي كان فيه وحرمانه من حماية القانون . وبهذا فإننا نرى أن الاعتقال أو الاحتجاز لوحده غير كافي لتحقيق الجريمة إذ لابد من أن يتبع هذا الاعتقال أو الاحتجاز حرمان من الحماية القانونية إذ لو كان الاعتقال أو الاحتجاز وفقا للقانون ومحاط بحماية كافية للحقوق المقررة للأشخاص فلا يمكن أن يدرج تحت غطاء هذه الجريمة , ويلاحظ أن جميع الدساتير والقوانين ولمختلف الدول تحدد طريقة الاعتقال أو الاحتجاز وتضع له ضوابط وقواعد لا يمكن الحياد عنها وتقرر عقوبات لمن يخالفها لذا فان صدور الأمر بالاعتقال أو الاحتجاز لابد أن يكون مسببا وصادرا من الذي يملك سلطة إصدار القرار وإلا عد مخالفا للقانون لكن في جريمة الاختفاء القسري حتى وان كان الأمر الصادر مستوفي للشروط ومكتمل الأركان فان ذلك لا يعصم مرتكب أو منفذ الأمر من المسئولية ذلك أن روح النص الوارد في الاتفاقية وتحديدا في المادة الثانية يقرر ذلك ( يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها ) وبالتالي يجب تقرير الحماية اللازمة للحد من هذه الأفعال فجاء نص الاتفاقية مجرما لهذا الفعل كما أن نص المادة الثالثة قد تطرق لمسالة مهمة جدا وهي وقوع الأفعال

 

المنصوص عليها في المادة الثانية من أشخاص دون علم الدولة أو دعم منها واشرنا إلى ذلك فيما تقدم بأنه لا يختلف من حيث الأثر دعم الدول أو لا إذ أن الجريمة متحققة بكلا الصورتين وقد نصت المادة الثالثة على وجوب اتخاذ الإجراءات القانونية بحق هؤلاء الأشخاص حيث نصت ( تتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة للتحقيق في التصرفات المحددة في المادة 2 التي يقوم بها أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون دون إذن أو دعم أو موافقة من الدولة ولتقديم المسئولين إلى المحاكمة ) وقد جرمت اغلب القوانين الداخلية هذه الأفعال لا بصفتها جرائم ضد الإنسانية بل لكونها جرائم ماسة بسلامة الإنسان وحريته حيث أن القبض على شخص أو حجزه أو حرمانه من حريته بأية وسيلة كانت بدون أمر من سلطة مختصة في غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين والأنظمة بذلك تعد من جرائم الجنح ويعاقب مقترفها بالحبس أما إذا كان القبض أو الحجز موصوفا فقد عد جناية وهو يتميز عن الأول باقترانه ببعض الظروف المشددة والحكمة من ذلك هي صيانة الأفراد وحقوقهم الشخصية (28) .

 

الفرع الثاني

الاختطاف

       إن اغلب التشريعات لا تضع تعريفا محددا لهذه الجريمة حيث تقتصر على ذكر عقوبتها وهذا ما نجده في اغلب القوانين وعلى خلاف ذلك نجد أن

القانون السوداني قد عرف الاختطاف بأنه ( كل من يرغم شخص بالقوة أو يغريه بأية طريقة من طرق الخداع على أن يغادر مكانا يقال انه خطف ذلك الشخص ) وعدم وجود تحديد لمفهوم جريمة الاختطاف قد دفع بعض الباحثين والفقهاء إلى الاجتهاد في وضع تعريفات لها حيث عرف بأنه ( هو الأخذ السريع باستخدام قوة مادية أو معنوية أو عن طريق الحيلة والاستدراج لما يمكن أن يكون محلا لهذه الجريمة وإبعاده عن مكانه أو تحويل خط سيره بتمام السيطرة عليه ) والخاطف هو الذي يقوم بهذه الجريمة بصورة أصلية أو تبعية ويلاحظ أن هذا التعريف أشار إلى أساليب الخطف والهدف منه لكنه لم يتطرق إلى الدوافع منه رغم أهميتها (29)

كما عرفه آخرون بأنه ( انتزاع المجني عليه من المحل الذي يقيم فيه وإبعاده عنه ويكفي لقيام واقعة الخطف انتزاع المخطوف من بيئته وقطع صلته مع أهله ولا يشترط أن تتم واقعة الخطف من مكان إقامته بل يستوي أن يكون ذلك من مدرسة أو من مكان احد الأصدقاء أو من الطريق العام أو من أي مكان أخر طالما أدى الخطف إلى انتزاع المخطوف من بيئته وقطع صلته بأهله والمراد هنا بالأهل هو المحيط الذي ينتمي إليه أو يعيش فيه ) (30)  ونرى أن هذا التعريف يتفق مع جريمة الاختفاء القسري في شق معين وهي إبعاد الشخص من مكان وجوده أو بيئته لكنه لا يبين الغاية من الخطف أو الدافع شانه في ذلك شان التعريف السابق ولا يبين النتيجة او هل سيتبع هذا الفعل إنكار له أم لا لذا فإننا لو أردنا تعريف الخطف المقصود في جريمة الاختفاء القسري فنقول ( انتزاع الشخص من البيئة التي يعيش فيها بأي وسيله وقطع صلته عنها ويتبع ذلك إنكار للفعل مما يحرم الشخص المنتزع من حماية القانون ) وقد استعملنا لفظ كل وسيلة لكثرة الوسائل المستخدمة في الخطف كالاحتيال والتهديد والإكراه وغيرها فجاء اللفظ هنا كي يستوعب كافة تلك الصور وقد استعملنا لفظ البيئة بدلا من لفظ الأهل لأنها اعم واشمل من الأخيرة فقد يكون الشخص وحيدا أو لا أقرباء له ومع ذلك فهذا الشخص جدير بالحماية وان لم يكن هنالك شخص يسال عنه إضافة إلى حرمانه من الحماية القانونية المقررة لمصلحته .

حيث أن جريمة الخطف تقضي وفقا لما استقر عليه القضاء والاجتهاد الفقهي توافر القصد الجنائي بتعمد انتزاع المجني من المكان الذي كان فيه من اجل قطع صلته بأهله كما أن بعض الفقه يقول إن ذهاب المجني عليه مع الخاطفين بإرادته مع توفر فرص الهرب له لا يعتبر خطفا ولا يشكل أركان الجريمة (31)  ونحن نرى أن هذا الكلام غير وارد في جريمة الاختفاء القسري ذلك أن هذه الجريمة لا تنتهي عند تمام عملية الخطف بل أنها ستؤدي إلى فقدان الشخص أو موته وكذلك قد يصبح المخطوف مجهول المصير إضافة إلى حرمانه من الحماية المقررة قانونا لذا فان رضا المجني عليه هنا لا يعفي الخاطفين من المسئولية كذلك فلا وجود للقصد الخاص في هذه الجريمة كما يفهم البعض أو يعتقد بان القصد هنا هو حرمان الشخص من الحماية المقررة قانونا بل أن الفعل مجرم وان لم يقصد الخاطف ذلك إذ أن مجرد توفر القصد العام كافي وهو العلم و الإرادة .

الفرع الثالث

أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية

     وهذه هي الصورة المرنة لنص المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لأنها فتحت الباب على مصراعيه لاحتواء أي حالة تظهر إلى الصعيد الواقعي مستقبلا أو أي حالة موجودة لكن لم تتطرق لها المادة أما لندرة وقوعها أو لأنها غير واصلة لعلم الجماعة الدولية بعد , وهذا اتجاه موفق وسليم وان كنا ننتقد التعداد الذي أوردته المادة وكان يفضل ذكر هذه الصورة فقط لأنها شاملة لكل الحالات التي أوردناها لكننا بررنا ذلك المذهب بان الإيراد كان للتمثيل و إزالة الشك والغموض الذي قد يدور حال تفسير النص .

ومما لاشك فيه أن الحق في الحرية البدنية حق جوهري من حقوق الإنسان أدركت الدول المختلفة أهميته وفي الوقت الذي نصت عليه دساتيرها وتشريعاتها الوطنية على ما يكفل حمايتها ويعاقب الأفعال التي تفضي إلى مصادرته بصورة غير مشروعة , يشير واقع الحال إلى الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها سلطات الدول ذاتها , إذ كثيرا ما تتم عمليات الإيقاف والاعتقال بالمخالفة لأحكام هذه القوانين ولعل هذا ما دفع المجتمع الدولي للتدخل لوضع العديد من القواعد القانونية صيانة لهذا الحق في زمني السلم والحرب (32) ويلاحظ أن الوثائق الدولية قد أولت اهتماما واسعا بحرية الإنسان فقد جاء النص على هذا الحق في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 (33) وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966(34) حيث حرمت القبض على الشخص أو إيقافه تعسفا وكذلك الحق في محاكمة عادلة والمساواة مع الآخرين (35) .

وقد شكلت لجنة الامم المتحدة لحقوق الإنسان في شرعية الاحتجاز بدون محاكمات في حالات الطوارئ حيث تقوم الدول بإضفاء الشرعية على عمليات الاحتجاز التعسفي عن طريق سن القوانين الاستثنائية كقوانين الطوارئ والقوانين العرفية فتنحرف بذلك وظيفة القانون عن كونه حاميا للحريات الشخصية ليصبح وسيلة لتنظيم الاعتداء عليها (36) ونحن نؤيد هذا المذهب خاصة في جريمة الاختفاء القسري إذ لا يمكن الاحتجاج بقانون داخلي أصدرته السلطة المتهمة بتنفيذ جريمة الاختفاء القسري كي تعفى من المسئولية ونحن نرى أن مسئوليتها تبقى قائمة سواء كان القانون قد صدر من السلطة ذاتها أو من سلطة تشريعية أخرى في نفس الدولة .

 

المطلب الثاني

شروط جريمة الاختفاء القسري

     ذكرت المادة السابعة من نظام المحكمة الجنائية الدولية جريمة الاختفاء القسري كأحد الجرائم ضد الإنسانية وذلك في الفقرة ( 1 ط ) وبعد كثير من النقاش حلول مدلول الاختفاء القسري وضعت اللجنة التحضيرية نصا قانونيا لأركان الجريمة وشروطها ضمن ملحق الفقرة المذكورة كما يلي :

1- أن يقوم مرتكب الجريمة :

أ – بإلقاء القبض على شخص أو أكثر أو احتجازه أو اختطافه .

ب – أن يرفض الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو أماكن وجودهم (37) .

وقد سلطنا الضوء فيما سبق على صور الاختفاء المذكورة في هذه الفقرة فلا حاجة لإعادة ذكرها مرة أخرى , وكذلك حالة عدم الإفصاح عن مكان الشخص المختفي أو إعطاء معلومات عنه .

2- أ – أن يعقب هذا القبض أو الاحتجاز أو الاختطاف رفض للإقرار بحرمان هذا الشخص أو الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم وعن أماكن وجودهم .

ب – أن يسبق هذا الرفض الحرمان من الحرية (38)  .

ونرى أن الشرط الثاني الذي أوردته هذه الفقرة هو نفس الشرط الذي جاء في الفقرة السابقة لها ولا فرق يذكر فيها سوى في الصياغة اللغوية التي قد تشير إلى أن الشرط الثاني خاص بعد وقوع الجريمة والأول قبل وقوعها لكن هذا الكلام لا يمكن القول به إذ لا يمكن وقوع الرفض قبل الاحتجاز أو الاختطاف حيث لا يمكن للاحق أن يسبق السابق وبالتالي يجب أن يتم الرفض بعد وقوع الجريمة كي يتحقق الشرط .

 

 

 

3- أن يعلم مرتكب الجريمة : أ – أن إلقاء القبض أو الاحتجاز أو الاختطاف لهذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص سيليه سير في الأحداث العادية رفض الإقرار بحرمانهم من الحرية أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو مكان وجودهم .

ب – أن يسبق هذا الرفض الحرمان من الحرية .(39)

ونرى بان الفقرة  ب من الشرط 3 بديهية لا حاجة لذكرها لأنها قد ذكرت في الشرطين 1 و2 على التوالي في تكرار منتقد كما أسلفنا ويلاحظ أن الفقرة أ من المادة 3 تخلق نوع من التساؤل هل أن العلم المعني هنا هو عند التنفيذ لعملية الاحتجاز ؟ أم بعد تمامها أم عند صدور الأمر بتنفيذها ؟ وان كانت هذه المراحل لا تؤثر تأثيرا كبيرا على النتيجة لكنها تؤثر برأينا على توفر القصد إذ لو كان يعلم بذلك قبل التنفيذ لكان قصده هنا متحققا وكذا الحال عند تنفيذها أما إذا علم بعد تمام عملية الاحتجاز أو الاعتقال فانه هنا لم يكن عالما بظروف الجريمة ومع ذلك فانه يعتبر مشتركا بالجريمة وفاعلا أصليا فيها .

ويجب ملاحظة أمر هام في هذه المسالة وهي رفض السلطات الإقرار أو إعطاء معلومات عن المحتجز لحمايته من الأخطار فلا يعد ذلك صورة من صور الاختفاء القسري لعدم تحقق شروطه .

4 - أن يرتكب التصرف باسم الدولة أو منظمة سياسية أو بإذن أو دعم منهما لهذا التصرف أو إقرار له (40) .

وقد بينا ذلك في تعريف جريمة الاختفاء القسري ويلاحظ هنا إضافة لفظ منظمة سياسية والمقصود بها مختلف المنظمات داخل الدولة والتي تكون ذات طابع سياسي سواء كان اسمها حزبا أو تجمع أو منظمة لأنها تحمل ذات المعنى حيث لا يمكن تفسير هذا اللفظ أنها منظمة دولية لعدم تصور اتفاق جمع من الدول على تنفيذ أفعال توصف بأنها جرائم ضد الإنسانية  .

5 - أن يكون رفض الإقرار بحرمان هذا الشخص أو الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو مكان وجودهم قد تم باسم دولة أو منظمة سياسية أو بإذن منها أو دعم من أي منهما لهذا السلوك (41) .

وهذا شرط مهم جدا إذ أن مجرد الرفض من قبل الدولة أو المنظمة السياسية للإقرار بمصير الشخص يحملها المسئولية سواء كانت على علم بمصير الشخص علما يقينيا أو أنها تعلم بمصيره ومع ذلك أنها تعلم بان احد التابعين لها قام باحتجاز الشخص أو اعتقاله .

6- أن ينوي مرتكب الجريمة منع الشخص أو الأشخاص من الحماية التي يكفلها القانون لفترة طويلة من الزمن (42) .

وهذا الشرط لا يضيف شيئا للجريمة بل انه قد يفتح بابا للتملص منها إذ أن اشتراط النية تعني وجودها قبل الشروع بالفعل وقد بينا إمكان أن تكون إجراءات الحجز قانونية بداية ثم يتحول إلى اختفاء قسري بعد ذلك وبإعمال هذا الشرط يتملص من المسئولية لان نية منع الشخص من الحماية القانونية غير متوافرة , ونحن لا نقول بذلك ونرى أن النية لا تؤثر على المسئولية سواء وجدت حال البدء بالفعل أو بعده .

7 - أن يرتكب السلوك كجزء من هجوم واسع أو منهجي ضد سكان مدنين (43) .

ويؤسس هذا الشرط إلى أن الجريمة قد وقعت على أساس عرقي أو طائفي أو سياسي على أشخاص مدنين لكنه اخفق في اشتراطه كونه واسع أو منهجي لان الجريمة قد تقع على شخص واحد فقط وتتوفر أركانها كما إنها قد تقع داخل مؤسسة أو حزب أو جماعة لا توصف بأنها مدنية ومع ذلك فان الشخص وان كان غير مدنيا لكنه جدير بالحماية ولا يمكن تجاهل حقوقه الأساسية .

8 - أن يعلم مرتكب الجريمة بان السلوك جزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنين أو أن ينوي أن يكون هذا السلوك جزءا من ذلك الهجوم (44) .

وهذا شرط بديهي وقد ذكر في الشرط 3 الخاص بالعلم ولا حاجة لذكره مرة أخرى .

من كل ما تقدم ونظرا للطبيعة المعقدة لهذه الجريمة فان ارتكابها يستدعي عادة أكثر من مرتكب واحد كجزء من هدف جنائي مشترك كما ان اختصاص المحكمة لا يبدأ إلا إذا وقع الهجوم المشار إليه ضمن ولايتها ويمكن ملاحظة أن كلمة ( يحتجز ) تشمل مرتكب الجريمة الذي يحتفظ

 

باحتجاز قائم وان القبض أو الاحتجاز قد يستندان إلى أساس شرعي في ظروف معينه (45) .

و من استعراضنا للشروط ومناقشتها وبعد أن بينا أن التكرار في الشروط كان منتقدا نرى أن الشروط المطلوبة في الجريمة يمكن إجمالها بالاتي :

 

1 - وقوع فعل من الأفعال التي تعد اختفاء قسري على شخص أو مجموعة من الأشخاص .

2 - علم من يقوم بهذه الأفعال بتحقق أركان الجريمة أو بملابساتها واتجاه إرادته لها حال تنفيذها أو قبله أو بعده .

3 - أن تصدر الأوامر بممارسة الأفعال التي تشكل اختفاء قسري من دولة أو منظمة سياسية أو بناءا على مساعدتها أو موافقتها أو من جهة تابعة لها .

4 - أن يصدر الرفض من الجهات الرسمية عن الإعلان عن مصير الشخص المجني عليه أو مكان وجوده أو سبب اعتقاله .

 

المبحث الثاني

الحقوق التي تسلبها جريمة الاختفاء القسري

 

        لما كانت جريمة الاختفاء القسري تقع على حرية الشخص أو حياته فان حقوق الإنسان قطعا ستنتهك بارتكاب هذه الجريمة لذا فإننا سنحاول البحث في ابرز حقوق الإنسان التي تنتهك بجريمة الاختفاء القسري وذلك في مطلبين نخصص الأول لتعداد الحقوق وثم نخصص المطلب الثاني لمعرفة ابرز الجزاءات التي وضعت لصيانة هذه الحقوق .

 

المطلب الأول

ابرز الحقوق التي تنتهكها جريمة الاختفاء القسري

        من خلال بحثنا لجريمة الاختفاء القسري تبين أن الجريمة تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في المواثيق الدولية والإقليمية وبالرجوع إلى هذه المواثيق نجد أن الجريمة تمثل انتهاكا لكل من الحقوق الأتي ذكرها :

1 - الحق في الحرية والأمن الشخصيين : ويعد هذا الحق من ابرز الحقوق التي يتمتع بها الإنسان لأنه من أكثرها التصاقا بحقوق الحياة ويعد حقا شاملا واصل لحقوق متعددة تدخل تحت عناوين مختلفة منها حرية التفكير وحرية الاعتقاد وحرية التعبير (46) فإذا كان الإنسان محتجزا صار من الصعب عليه ممارسة هذه الحقوق لأنها تشتمل على ركن أساسي وهو عدم ملاحقة احد أو عدم فرض مراقبة من احد وكذا الحال في امن الإنسان إذ لابد أن يعيش الإنسان بسلام وامن وهدوء فلا فائدة من حياة تملئها المنغصات والانتهاكات لحق الإنسان وقد جاء النص على هذا الحق في إعلانات ومواثيق دولية عديدة حيث نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 في المادة التاسعة على ( لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا ) كما نص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة التاسعة أيضا وجاء النص هنا أكثر وضوحا وصرامة حيث قال ( 1- لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه . ولا يجوز توقيف احد أو اعتقاله تعسفا . ولا يجوز حرمان احد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبق الإجراءاتالمقرر فيه ) وجاء النص على هذا الحق في الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لسنه 1950 في المادة الخامسة التي نصت على ( لكل إنسان الحق في الحرية والأمن . لا يجوز حرمان احد من حريته إلا وفقا للطرق القانونية ) .

والبعض يذهب إلى أن القبض أو الحجز التعسفي هو الذي يناقض مفهوم العدالة حتى وان كان منصوصا عليه في القانون وقد افترض أصحاب هذا الرأي أن المادة التاسعة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تفترض توافر حد دولي أدنى لمفهوم التعسف في القبض أو الحجز وان القانون الوطني يجب أن لا يتعدى هذا الحد وإلا كان متعديا للشروط الإنسانية ومتجردا من الشرعية في حد ذاته (47) .

 ونحن نميل لهذا الرأي إذ انه ينسجم مع الحفاظ على حقوق الإنسان ويوفر لها ضمانات كافية لان أي احتجاز وان كان قد تم بالشكل القانوني الصحيح لكنه في الحقيقة مخالفا للعدالة يكون تعسفيا وبالتالي فقد يحقق في النهاية جريمة اختفاء قسري .

كما يلاحظ أن الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لسنة 1969 قد نصت في المادة السابعة على :

( 1- لكل شخص حق في الحرية الشخصية وفي الأمان على شخصه .

  2- لا يجوز أن يحرم احد من حريته الجسدية إلا للأسباب وفي الأحوال المحددة سلفا في دساتير الدول الأطراف أو في القوانين الصادرة طبقا لهذه الدساتير .

  3- لا يجوز حبس احد أو إلقاء القبض عليه تعسفا .

  4- يجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب ذلك التوقيف ويجب إخطاره فورا بالتهمة أو التهم الموجهة إليه . )

ويلاحظ أن النص غاية في الدقة حيث أورد كل ما يحيط بحرية الفرد الجسدية وحمايته من أنواع الحرمان من الحرية الشخصية إضافة إلى ضمانات وردت في نهاية المادة تكفل له استرجاع الحقوق المسلوبة أو التعويض عنها , وقد أشار الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لسنة 1980 في المادة السادسة على ( لكل فرد الحق في الحرية والأمن الشخصي ولا يجوز حرمان أي شخص من حريته الا للدوافع وفي حالات يحددها القانون سلفا , ولا يجوز بصفة خاصة القبض على أي شخص أو احتجازه تعسفيا ) كما نص الميثاق العربي لحقوق الإنسان على حق الإنسان في حريته وأمنه في المادة الخامسة من حيث جاء النص ( لكل فرد الحق في الحياة وفي الحرية وفي سلامة شخصه ويحمي القانون هذه الحقوق ) .

من كل النصوص المتقدمة على حق الإنسان في حريته وأمنه الشخصي تتضح لدينا أهمية هذا الحق والأهمية القصوى المطلوبة كي يحاط بأكبر قدر من الحماية لذا فان أي فعل يطال أو يناله يجب أن يجرم وهذا احد الأسباب الذي دعا الجماعة الدولية لتجريم فعل الاختفاء القسري بوصفه انتهاكا واضحا لهذا الحق .

وتجدر الإشارة إلى أن الفقه الإسلامي يورد هذا الحق ضمن الحق في الحياة وان لم يشر صراحة إلى ذلك حيث أن حق الحرية في هذا الفقه هو تمتع الشخص بحياة مستقلة لا على أساس العبودية والاسترقاق والمعنى الأول هو الأقرب لجريمة الاختفاء القسري لان المعنى الأخر داخل في نطاق الرق والعبودية (48) .

 

2 - الحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية : والحق الثاني الذي تسلبه جريمة الاختفاء القسري هو الحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية أو المعاملة غير الإنسانية حيث أن هذا الحق يرتبط بالحق بالحياة والحق بالحرية والأمان الشخصي حيث أن ابرز اعتداء على حرية الإنسان هو تقييده أو احتجازه ثم تعريضه للتعذيب , وقد تكون صورة التعذيب نفسية أكثر مما تكون جسدية لان مجرد الاحتجاز يعتبر تعذيبا برأينا إضافة إلى كونه معاملة قاسية وغير إنسانية ويكون الحال أصعب فيما إذا كان الاحتجاز دون وجه حق وهو الغالب في جريمة الاختفاء القسري خصوصا وان المجرم يريد حرمان المجني عليه من الحماية القانونية , ويلاحظ أن أساليب التعذيب متفاوتة بين الدول وهذا يعني انتشار التعذيب على نطاق واسع بين أعضاء الأمم المتحدة على الرغم من تحريمه في كل من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 والإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1975 لحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب (49) .

وقد جاء النص على تحريم التعذيب في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة السابعة ( لا يجوز إخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الحاطة بالكرامة وعلى وجه الخصوص , لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على احد دون رضاه الحر ) وقد تم تعريف التعذيب في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة لعام 1984 في المادة الأولى ( لإغراض هذه الاتفاقية يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه الم أو عذاب شديد , جسديا كان أم عقليا , يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو شخص ثالث على معلومات أو اعتراف أو معاقبة على عمل ارتكبه أو اشتبه في انه ارتكبه .....) وبهذا التعريف تتضح الصورة الأساسية للتعذيب إذ أنها جريمة متعددة الأوجه والأساليب ويمكن أن تأثر على جسد الإنسان أو نفسيته إضافة إلى أنها قد تقع على الشخص ذاته أو على أشخاص آخرين بقصد التأثير عليه لذا نجد أن اغلب المواثيق والصكوك الدولية حرمت هذا الفعل وحظرته بشكل مطلق ولم تجزه بأي حال من الأحوال سواء صدرت الأوامر بالتعذيب في ظروف استثنائية أو من رئيس أعلى رتبة كما انه لا يجوز طرد شخص من إقليم دولة إذا خيف  من انه قد يتعرض للتعذيب إذا ما عاد للدولة التي أتى منها (50) .ونلاحظ أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950 قد نصت على هذا المبدأ في المادة الثانية منها حيث نصت على ( لا يجوز إخضاع احد للتعذيب أو المعاملات غير الإنسانية أو المهينة ) وقد نصت عليه الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 في المادة الخامسة بقولها :

  • (1-لكل إنسان الحق في أن تكون سلامته الجسدية والعقلية والمعنوية محترمة.
  • (2-لا يجوز إخضاع احد للتعذيب أو لعقوبة أو معاملة قاسية أو غير إنسانية أو مذلة ويعامل كل الذين قيدت حريتهم بالاحترام الواجب للكرامة المتأصلة في شخص الإنسان . )

ونص الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 في المادة الخامسة على ( لكل فرد الحق في احترام كرامته والاعتراف بشخصيته القانونية وحظر كافة أشكال استغلاله وامتهانه واستعباده خاصة الاسترقاق والتعذيب بكافة أنواعه والعقوبات والمعاملة الوحشية أو اللا إنسانية أو المذلة ) .

من كل ما تقدم نجد أن اغلب المواثيق الدولية نصت على تحريم التعذيب باعتباره عملا يمس حرية الإنسان وسلامته الجسدية وقد حرم هذا الفعل تحت أي ظرف ولم يجاز تحت أي مسوغ سياسي أو قانوني لأثره الواضح ولخطورته الكبيرة حتى أن اغلب دساتير الدول قد ضمنت بهذا المبدأ كي لا ينتهك أبدا من قبل أي نظام من الأنظمة الداخلي في الدولة أو من أي شخص وهو نوع من الحماية المقررة لهذا المبدأ فقد نص عليه الدستور الجزائري في المادة 45 وكذا الحال بالنسبة لدستور اليابان في المادة 38 والدستور العراقي في المادة 37 (51) .

 

3 - الحق في الاعتراف بالشخصية القانونية للإنسان : إن جريمة الاختفاء القسري تسلب الإنسان حقه بالشخصية القانونية المقررة له وفقا للدساتير الداخلية أو المواثيق و الصكوك الدولية لان الجريمة تحرمه من ممارسه  كافة  الحقوق  المقررة  له إضافة إلى  أنها تجعل  مصيره مجهولا

بالنسبة لذويه أو أهله وقد يكون الشخص هو المعيل لهم ولا يستطيعون صرف كافة مستحقاته أو التصرف بأمواله لعدم معرفة مكانه أو حالته ولعدم وجود دليل رسمي على حالته وقد جاء النص على حق الإنسان بالاعتراف بالشخصية القانوني في عدة مواثيق حيث تم النص عليه في المادة السادسة عشر من العهد والتي نصت على ( لكل إنسان في كل مكان الحق بان يعترف له بالشخصية القانونية )  ولا تبيح حالة الطوارئ الاعتداء على هذا الوضع للإنسان (52) وقد نصت الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان على هذا الحق في المادة الثالثة ( لكل إنسان الحق في أن تعترف بشخصيته القانونية ) كما قد تم إقراره في نص المادة الثامنة عشر من الاتفاقية العربية لحقوق الإنسان ( الشخصية القانونية صفة ملازمة لكل إنسان ) ومن هذه النصوص تتضح أهمية هذا الحق بالنسبة للإنسان وعرفنا الأسباب التي دعت إلى حمايته وسبب إيراده ضمن ابرز الحقوق التي تسلبها جريمة الاختفاء القسري لأنه حق أساسي لا يمكن للإنسان أن يستغني عنه ولا يمكن سلبه إياه بأي وضع من الأوضاع وتحت أي ظرف .

 

4 - الحق في الحياة : وهو أخر حق من حقوق الإنسان الذي تنتهكه جريمة الاختفاء القسري بعد أن انتهكت الحقوق الأخرى المتقدم ذكرها إضافة إلى جميع الحقوق التي تدخل ضمنا في الحقوق المذكورة إذ قد تؤدي جريمة الاختفاء القسري في اغلب الأحيان إلى سلب حق الإنسان في الحياة وهو حق مقرر لكل إنسان باختلاف جنسه ولونه وانتمائه وهو مقرر بكافة الشرائع والأديان السماوية والوثائق الدولية والقوانين الداخلية على حد سواء لأنه الحق الأسمى في الحياة الإنسانية فإذا فقد لو انتهك فقد شخص من المجتمع وامتدت اثأر هذا الفقد لتشمل المجتمع بأسره لان الإنسان مهما كان بسيطا يلعب دورا في المجتمع ويشكل وحدة أساسية فيه لا يمكن الاعتداء عليها بأي شكل من الإشكال وتحت أي ظرف من الظروف أو الأسباب لان الحياة منحة إلهية أعطت للإنسان ليقوم برسالة على الأرض ويؤدي دوره في الحياة إيمانا وعملا وحدد الإسلام مهمة الإنسان في الحياة ورسالته باستخلافه في الأرض وقيامه بتوحيد خالقة وعبادته وحده , وقدست الشريعة حق الإنسان في الحياة بعد أن كان هذا الحق منتهكا في العصور السابقة لها حيث لم تكن حياة الإنسان تمثل قيمة آنذاك , وتعد جريمة الاعتداء على حياة الإنسان من اكبر الكبائر واخطر الجرائم وأشدها

 على الأفراد والجماعة وإنها إذا تفشت في مجتمع أو بيئة نشرت الرعب والفزع وقضت على الأمن والاستقرار وأشاعت الفوضى والبغضاء وقضت على الروابط الإنسانية , من هنا قرن القران الكريم قتل النفس بغير حق بقتل الناس جميعا ودفع احترام الحق في الحياة إلى القول بأنه لا يجوز للدولة ان تقرر عقوبة القتل عن غير جرائم الحدود والقصاص المنصوص على عقوبة القتل فيها ( القتل – الزنا – الحرابة – الردة – البغي ) حتى لو كانت جريمة الخيانة (53) .

وقد نص الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان في المادة 2 فقرة 4 على ( يجب أن تصان جنازة الإنسان وإلا تنتهك , كما يحرم تشريحه إلا بمجوز شرعي وعلى الدولة ضمان ذلك ونصت المادة 33 من مشروع الدستور الإسلامي الذي وضعته لجنة من العلماء في الشريعة الإسلامية على أن ( تعذيب الأشخاص جريمة , ولا تسقط الجريمة أو العقوبة طول حياة من يرتكبها , ويلتزم فاعلها أو الشريك فيها بالمسئولية عنها في حالة . فان كان بمساعدة موظف أو بموافقته أو بالسكوت عنها فهو شريك في الجريمة جنائيا ومسئول مدنيا وتسال معه الحكومة بالتضامن ) فالإسلام انطلاقا من احترامه للحق في الحياة يقرر تحريم التعذيب والعقوبات والمعاملات غير الإنسانية (54) .

وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الثالثة على ( لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه ) ونصت الفقرة الأولى من المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ( كل كائن بشري يتمتع بحق الحياة المتأصل فيه وهذا الحق يحميه القانون ولا يحرم احد من هذا الحق بطريقة تعسفية ) والملاحظ على ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشان الحق في الحياة انه جاء مقتضبا في إشارته له كما لم يشر إلى الضمانات التي من شانها حمايته من الاعتداء أما العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فقد أورد مبدأ عام أشار فيه إلى حق الإنسان في الحياة لكنه أورد في نهاية الفقرة الأولى من المادة السادسة تعبيرا من شانه المساس بهذا الحق حيث قال ( ... ولا يحرم احد من هذا الحق بطريقة تعسفية) وتعبير التعسف تعبيرا واسعا وعاما غير محدد يمكن

 

 

من خلاله النفاذ في كل مرة ينتهك فيها حق الإنسان في الحياة (55) .

كما ورد النص على هذا الحق في المادة الثانية من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ( يحمي القانون حق كل إنسان في الحياة , ولا يجوز إعدام أي شخص عمدا إلا تنفيذا لحكم بالإعدام تصدره محكمة ما في حال ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون بتلك العقوبة ) وكذلك جاء النص على هذا الحق في الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب في المادة الرابعة حيث نصت على ( لا يجوز انتهاك حرمة الإنسان ومن حقه احترام حياته وسلامة شخصه البدنية والمعنوية ولا يجوز حرمانه من هذا الحق تعسفا ) وقد جاء نص الاتفاقية العربية لحقوق الإنسان بنص مقتضب جدا حيث نصت المادة الخامسة على ( لكل فرد الحق في الحياة وفي الحرية وفي سلامة شخصه ويحمي القانون هذه الحقوق ) ويلاحظ أن نص الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان جاء أوضح وقد وفر حماية أكثر إذ انه شمل حتى الجنين بالحماية وحظر إيقاع عقوبة الإعدام من قبل الدول التي لا تعمل بها ولم يجز إيقاعها إلا إذا كانت مقررة أصلا قبل وقوع الجريمة حيث نصت المادة الرابعة منه ( لكل إنسان الحق في أن تكون حياته محترمة . هذا الحق يحميه القانون وبشكل عام منذ لحظة الحمل ولا يجوز أن يحرم احد من حياته بصورة تعسفية ) كما لم يجز هذا النص إعادة العمل بعقوبة الإعدام للدولة التي ألغتها كما لم يجز العقاب بالإعدام لمن كان وقت ارتكاب الجريمة دون الثامنة عشر إضافة إلى منح المحكوم عليه بالإعدام حق طلب تخفيف الحكم (56)

وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اتجهت إلى وضع الضمانات والقيود على حالات الإعدام فقد دعت في عام 1968 كل الحكومات إلى كفالة إتباع أدق الإجراءات القانونية وتوفير اكبر الضمانات الممكنة للمتهمين في الجرائم المعاقب عليها بعقوبة الإعدام في البلاد التي ما زالت تأخذ بهذه العقوبة وذلك في قرارها المؤرخ 26 نوفمبر 1968 (57) وذلك يعزز أهمية حق الإنسان في الحياة وعن وجوب توفير أقصى حماية حتى بالنسبة للمجرمين فما بالنا بغيرهم من الأبرياء الذين تطالهم قسوة جريمة الاختفاء القسري .

 

المطلب الثاني

جزاء جريمة الاختفاء القسري

 

      بعد أن تعرفنا على ماهية جريمة الاختفاء القسري لابد لنا إيراد الجزاءات المخصصة لهذه الجريمة لان أي جريمة لابد لها من جزاء حتى يبتعد الناس عنها ولا يرتكبوها أو يعودوا لارتكابها كما أن الجزاء يشكل وسيلة إصلاح للمتهم لا وسيلة للانتقام منه , لذا سنحاول عرض الجزاء لهذه الجريمة مستندين إلى أحكام الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006 بوصفها المصدر الرئيسي المجرم لهذه الجريمة كما نستعين بأهم المبادئ التي جاء بها الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 1992 والتي تتلخص في وجهين هما الجزاء الجنائي والتعويض المدني وينبغي الإشارة إلى أمر مهم هو أن كل من الإعلان العالمي والاتفاقية الدولية بشان الاختفاء القسري قد جاء خاليا من الجزاءات وأحال المسالة إلى القوانين الداخلية على الرغم من إنهما نصا على مبادئ وأسس عامة لا يمكن تجاهلها لذا فإننا سنبحث الجزاءات  في فرعين نخصص الأول للجزاء الجنائي ونخصص الثاني للجزاء المدني .

الفرع الأول

الجزاء الجنائي لجريمة الاختفاء القسري

 

       أورد الإعلان العالمي لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري في المادة 13ضمانة لمن وقعت عليه الجريمة وكذلك وفر ضمانه لذوي المجني عليه حيث نصت المادة على ( 1- على كل دولة أن تكفل لكل من لديه علم أو مصلحة مشروعة ويدعي تعرض أي شخص لاختفاء قسري الحق في أن يبلغ الوقائع إلى سلطة مختصة ومستقلة في إطار الدولة التي تقوم بإجراء تحقيق سريع وكامل ونزيه في شكواه ومتى قامت أسباب معقولة للاعتقاد بان اختفاء قسريا قد ارتكب فعلى الدولة أن تبادر دون إبطاء إلى إحالة الأمر إلى تلك السلطة لإجراء هذا التحقيق , وان لم تقدم شكوى رسمية ولا يجوز اتخاذ أي تدابير لاختصار ذلك التحقيق أو عرقلته ) وكما اشرنا سابقا بان هذا النص جاء عاما وأحال التحقيق في الجريمة لنفس الدولة التي وقع فيها الاختفاء وبالجمع بين هذا النص وبين تعريف جريمة الاختفاء نجد أن هذا النص قد أحال المسالة إلى نفس الجهة التي ارتكبت الجريمة أو التي تمت الجريمة بأمرها أو موافقتها أي كان هذا النص جعل الدول خصما وحكما في ذات الوقت وقد يقول البعض أن مصدر أوامر الاعتقال دائما هي السلطة التنفيذية في الدولة وان التحقيق تجريه سلطة قضائية مستقلة لكن هذا لا يعني الكثير لأهمية ولخطورة الجريمة فيجب إحاطتها بنوع من الحماية الفعلية وهنا ينهض اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لان هذه الجريمة واقعة ضمن اختصاصها لان المحاكمة والمعاقبة على الجرائم الدولية غرضها الأساسي صون حقوق الإنسان واحترام قواعد القانون الدولي الإنساني ومع ذلك يجب التسليم بان حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ما زالت ناقصة في الوقت الحالي على الصعيد الدولي وتتمثل أوجه النقص أساسا في :

  • 1-تحديد هذه الحقوق والحريات وتعريفها على نحو دقيق .
  • 2-توفير النظام الكفيل باحترامها الفعلي .
  • 3-عدم وجود جهاز يتولى العقاب على من ينتهكون هذه الحقوق . (58)

ومع ذلك فان الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري توجبت على الدول تجريم هذا الفعل إضافة إلى تشكيل لجان خاصة بالبحث وتسجيل احتمال وقوعها كذلك نصت على اعتبار الجريمة غير مشمولة بنظام منع تسليم المجرمين فيما إذا وجدت اتفاقية بين الدول بخصوص ذلك وحظرت على الدول إصدار أي أوامر أو تعليمات تفرض الاختفاء القسري أو تأذن به أو تقره أو تشجعه مع ضمان عدم معاقبة من يرفض الانصياع لهذا الأمر (59) كما أن بعض الجهات غير الرسمية من منظمات متخصصة قامت بتبني هذا الموضوع  حيث تناهض هذه الجرائم وت بحث عن أي جريمة ضد الإنسانية في أي مكان وتسجيلها وإعداد سجلات خاصة بها وتحديد أوقات وقوعها والأشخاص المجني عليهم ومصيرهم بعد الجريمة وقد برزت قضايا مهمة وهي خاصة بجرائم الاختفاء القسري في غواتي مالا وكولومبيا وبدأت المحاكمات في شان تلك الجرائم (60) .

وبناءا على ما تقدم يمكن تلخيص الواجبات التي تقع على الدولة حال وقوع جريمة اختفاء قسري والتي أقرت بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي تشكل ضمانة لإيقاع العقاب على مرتكب هذه الجريمة وتتلخص الإجراءات بما يأتي :

  • 1-يجب على الدول التي وقعت فيها الجريمة أن تحيلها إلى السلطة المختصة لمباشرة الدعوى الجنائية إذا لم تسلم الشخص المعني أو لم تحله إلى دولة أخرى وفقا لالتزاماتها الدولية أو إذا لم تحله إلى محكمة جنائية دولية تعترف باختصاصها ( م 11 من الاتفاقية ) .
  • 2-تتخذ السلطة المحال إليها الجريمة نفس الإجراءات المتخذة في الجرائم التي تخضع للقانون العام ( م 11 ف 2 ) .
  • 3-يعامل المتهم بجريمة الاختفاء القسري معاملة إنسانية وعادلة ( م 11 ف3 ) .
  • 4-يجري البحث والتحقيق في جريمة الاختفاء القسري بشكل نزيه وسريع دون الإخلال بالضمانات الممنوحة للإطراف في الدعوى (م 12 ) .
  • 5-لا تعتبر جريمة الاختفاء القسري جريمة سياسية ولا تكون ضمن الجرائم التي لا يجوز تسليم المجرمين فيها (م 13) .
  • 6-تلتزم الدول بتقديم المساعدة القضائية فيما بينها في أي جريمة متصلة باختفاء قسري (م 14 ) .
  • 7-تلتزم الدول بمساعدة جميع ضحايا الاختفاء القسري (م 15 ).
  • 8-لا يجوز لأي دولة أن تبعد شخص عن أراضيها إذا اعتقدت أن هذا الإبعاد سيعرضه لاختفاء قسري (م 16 ) .
  • 9-عدم جواز حجز أي شخص في مكان مجهول إضافة إلى تحديد ضوابط احتجاز الأشخاص وتحديد الجهات المسئولة عن حرمان الشخص من حريته ضمن ضوابط تتفق مع حقوق الإنسان ومستوفيه للشرط القانونية مع وجوب وجود سجلات تبين أوضاع المحتجزين وأسمائهم وجهة احتجازهم في كل دولة ( م 17 ) .
  • 10- السماح لذوي المحروم من حريته بالاطلاع على أي معلومات بشان الشخص المحروم من حريته إضافة إلى عدم جواز استعمال هذه المعلومات في مجالات غير البحث عن الشخص المختفي ولا يجوز تقييد هذا الحق إلا إذا كان الشخص تحت حماية القانون وإذا كان نقل المعلومات يشكل مساسا بالحياة الخاصة أو بأمن الشخص أو يعرقل سير التحقيق الجنائي ( م 18 – 19 ) .
  • 11- يحق لطالب المعلومات عن الشخص المختفي الاعتراض عن عدم تزويده بهذه المعلومات قضائيا ( م 20 ف2 ) .
  • 12- تتخذ كل دولة طرف التدابير اللازمة للإفراج عن الشخص المحتجز مع كفالة سلامته البدنية والنفسية لممارسة كل حقوقه ( م 21 ) .
  • 13- يجب أن تبذل الدولة أقصى جهد للبحث عن الأشخاص المختفين وتحديد أماكن وجودهم وإخلاء سبيلهم وفي حالة وفاتهم لتحديد أماكن وجود رفاتهم واحترامها وإعادتها (م24)

من خلال دراسة هذه المبادئ على الرغم من أهميتها إلا أنها لم تأتي بنص عقابي إذ أحالت المسالة كما أسلفنا إلى القانون الداخلي فهذه الاتفاقية تضع الأسس العامة التي لا يمكن الحياد عنها فهي تشابه الدستور في الدولة مع الفارق طبعا ومع ذلك فان الدستور ملزم للمشرع الوطني أما الاتفاقية فلا يمكن أن تكون ملزمة إلا بعد صدور تشريع داخلي بالمصادقة عليها ومع ذلك فان مجرد وصول هذه الفكرة إلى هذا المستوى يعبر عن مدى التطور القانوني خاصة في مجال محاربة الجرائم ضد الإنسانية .

الفرع الثاني

الجزاء المدني لجريمة الاختفاء القسري

       إن أي جريمة تقع على شخص تؤدي إلى إلحاق الضرر به سواء كان هذا الضرر ماديا أو معنويا لذا فيجب جبر هذا الضرر ويتم ذلك عن طريق التعويض أو الرد ويعتبر الرد هنا مستحيلا لأنه إعادة الشيء أو الحالة إلى ما كان عليه قبل الجريمة عينا أو بدلا (61) لعدم إمكان إعادة المختفي إلى حالته الأولى أبدا وان تم تعويضه ماديا فان حالته النفسية ستبقى متأثرة لعدم إمكانية تقدير أو تقويم الضرر الأدبي وان حدد مقدار له عن طريق المحكمة . فيصار إلى التعويض وهو عبارة عن مبلغ من المال يمنح للمدعي بالحق المدني تعويضا عن الضرر المادي أو الأدبي الناشئ عن الجريمة (62) .

وقد تضمنت الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ضمانا للحق المدني بالنسبة لحق الشخص المختفي بجملة من الأمور التي يجب أن تمنح له كي يتخلص من اثأر الجريمة وقد جاء ذلك في المادة 24 الفقرة 4 وما بعدها حيث نصت على ( تضمن كل دولة في نظامها القانوني لضحايا الاختفاء القسري الحق في جبر الضرر والحصول على تعويض بشكل سريع ومنصف وملائم ) لكن لم تبين هذه المادة المدة الموصوفة بالسريعة وأحالت ذلك إلى القوانين الداخلية وهذا هو ديدن المعاهدة في اغلب الأمور إذ أنها تقرر القواعد العامة في كل جانب من الجوانب الخاصة بالجريمة .

ثم أوردت الفقرة 5 من المادة 24 من الاتفاقية طرق جبر الضرر التي نعتقد أنها واردة على سبيل المثال لا الحصر ودليلنا هو عبارة ( .. وعند الاقتضاء , طرائق أخرى للجبر من قبيل ...) إذ لو أن هذه الطرق واردة على سبيل الحصر لما وردت عبارة التمثيل بالنص المتقدم , وطرق جبر الضرر التي نصت عليها الفقرة 5 من المادة 24 هي :

  • 1-رد الحقوق . وهو شيء بديهي إذ لابد للشخص المختفي من ان يستعيد كافة حقوقه المسلوبة كي يقال بانتهاء حالة الاختفاء القسري .
  • 2-إعادة التأهيل . والمقصود هنا إعادة بناء الحالة النفسية للشخص المختفي وإخراجه من حيز الخوف والرعب والضياع الذي كان يحيط به في فتره الاحتجاز ومساعدته على أن يمارس حياته الطبيعية بتوفير كافة مستلزمات الحياة من العمل والمسكن وكافة الأمور الأخرى المرتبطة بجانب حياته اليومية .
  • 3-الترضية , بما في ذلك رد الاعتبار لكرامة الشخص وسمعته . ويقصد بهذا تصحيح النظرة التي ربما تنظر لشخص المختفي و ورود الريبة والشك في سبب اعتقاله أو احتجازه ونرى أن ذلك يتم بكافة الوسائل الإعلامية مثل أن تنشر وقائع الظلم التي وقعت عليه في الجرائد أو حتى في الوسائل الإذاعية أو على جمع الناس الذين يكونون على احتكاك به وكل هذا إذا لم يكن هذا النشر أو الإعلان قد يضر بالشخص المختفي أو يعرضه للخطر .
  • 4-ضمانات بعدم التكرار . ويعني تقديم تعهد للمجني عليه بعدم تكرار الفعل , لكن ممن يقدم هذا الضمان هل من الجاني ؟ أم من الدولة ؟ أم من الغير ؟ لم يحدد ذلك ونحن نرى بان هذا النص غير موفق إذ أن الشخص إذا قدم ضمانه للمجني عليه بعدم تكرار الفعل يوحي بأنه لن يتعرض للجزاء ولن يعاقب أصلا ولهذا فهو يتعهد بعدم التكرار .
  • 5-تضمن الدولة بالنسبة للأشخاص الذين لا يعثر عليهم أصلا الضمان الاجتماعي لعائلاتهم استنادا لقوانين الأسرة وحقوق الملكية . وذلك لان الجريمة كما قلنا تؤثر على الشخص وعلى المحيطين به خاصه من يعيلهم ذلك الشخص فيجب ضمان حقوقهم .
  • 6-يعطى الحق للأشخاص في تشكيل منظمات ورابطات يكون هدفها الإسهام في تحديد ظروف حالات الاختفاء القسري ومصير الأشخاص المختفين وفي مساعدة ضحايا الاختفاء القسري وحرية الاشتراك في هذه المنظمات أو الرابطات .

      وأخيرا يشار إلى أن الاتفاقية أوصت بتشكيل لجنة لمتابعة حالات الاختفاء القسري مؤلفة من عشرة أعضاء مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة المعترف بها في مجال حقوق الإنسان ويكونون مستقلين ويعملون بحيادية على أن يتم انتخابهم وفقا للتوزيع الجغرافي العادل وينتخبون باقتراع سري من بين قوائم ترشحها الدول الأعضاء لمدة أربعة سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط وتتولى اللجنة وضع نظامها الداخلي ويتمتع أعضائها بالحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها مبعوثي الأمم المتحدة وعين موعدا لانعقاد أول مؤتمر للاختفاء القسري بعد فترة أربعة سنوات من دخول الاتفاقية حيز النفاذ و على أن لا يزيد عن ستة سنوات من ذلك التاريخ وبما ان الاتفاقية دخلت حيز النفاذ في عام كانون الثاني 2006 فقد شكلت اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري و هي هيئة  من الخبراء المستقلين التي ترصد تنفيذ الدول الأطراف للاتفاقية, وجميع الدول الأطراف ملزمة بتقديم تقارير إلى اللجنة عن كيفية إعمال الحقوق , ويجب على الدول أن تقدم تقريراً في غضون سنتين من التصديق على الاتفاقية, وتفحص اللجنة كل تقرير وتوافي الدولة الطرف ببواعث قلقها وتوصياتها في شكل "ملاحظات ختامية" , وطبقاً للمادة 31، يجوز لكل دولة طرف، عند التصديق على هذه الاتفاقية أو في أي وقت بعد ذلك، أن تعلن اعترافها باختصاص اللجنة بتلقي وبحث البلاغات المقدمة من أفراد يخضعون لولايتها، أو المقدمة بالنيابة عن أفراد يخضعون لولايتها، ويشتكون فيها من وقوعهم ضحايا لانتهاك هذه الدولة الطرف لأحكام هذه الاتفاقية. وبالإضافة إلى إجراء تقديم التقارير، تنص المادة 32 من الاتفاقية على أن تنظر اللجنة في الشكاوى بين الدول.

وتجتمع اللجنة في جنيف وتعقد دورتين كل سنة.

تقديم الشكوى

تقدم الشكوى عموما في انتهاكات حقوق الإنسان , وياتي هذا الحق من اتاحة القدرة للأفراد على الشكوى، في ساحة دولية، من انتهاك حقوقهم تضفي معنى حقيقياً على الحقوق الواردة في معاهدات حقوق الإنسان.

وبصورة عامة توجد ثلاثة إجراءات رئيسية لعرض الشكاوى المتعلقة بانتهاكات أحكام معاهدات حقوق الإنسان على الهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان:

  • الشكاوى الفردية;
  • الشكاوى بين الدول
  • التحقيقات.

وتوجد أيضاً إجراءات للشكاوى خارج نطاق نظام الهيئات المنشأة بموجب معاهدات – عن طريق الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان وإجراء الشكاوى الخاص بمجلس حقوق الإنسان.

البلاغات الفردية

توجد تسع معاهدات دولية أساسية لحقوق الإنسان. وقد أنشأت كل معاهدة من هذه المعاهدات "هيئة معاهدة" (لجنة) من خبراء لرصد تنفيذ أحكام المعاهدة من جانب دولها الأطراف.

ويجوز للهيئات المنشأة بموجب معاهدات (اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، ولجنة القضاء على التمييز العنصري، ولجنة مناهضة التعذيب، واللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، واللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري، واللجنة المعنية بالعمال المهاجرين، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولجنة حقوق الطفل)، بشروط معينة، النظر في شكاوى أو بلاغات فردية مقدمة من أفراد.

 

الخاتمة

 

    بعد أن انتهينا والحمد لله من استعراض موضوع البحث الموسوم جريمة الاختفاء القسري بوصفها جريمة ضد الإنسانية , توصلنا بواسطة هذا الطرح الموجز والبسيط إلى نتائج تكاد تكون مهمة رغم قلة المصادر العربية التي كتبت في هذا المجال إذ إننا عندما حاولنا التعرف على ماهية الاختفاء عن طريق وضع تعريف له وجدنا أن اللفظ اللغوي لا ينطبق مع الفعل المرتكب لان لفظ الاختفاء يشير إلى طابع الإرادية المفقودة في هذه الجريمة واقترحنا أن تبدل هذه اللفظة إلى الإخفاء القسري وقد اخذ بهذا اللفظ قانون المحكمة الجنائية العليا في العراق , و وجدنا في التعريف الاصطلاحي أن نص الاتفاقية قد عدد الصور تعداد منتقد لم يكن له موجب لأنه استعمل لفظ أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية وقد استفرغ هذا النص كافة الصور وحاولنا تخريج ذلك بأنه على سبيل التمثيل وللمساعدة على الكشف على ماهية الجريمة ورفع الغموض عنها , كما إن الاتفاقية وضعت شرطا نرى بأنه منتقد وهو اشتراط وقوع الفعل من الدولة أو من جهة تابعة لها إذ أن افعل يشكل جريمة وان وقع من أي شخص بغض النظر عن الجهة التي يمثلها , ثم استعرضنا أركان الجريمة وهما الركن المادي والمعنوي وانتقدنا في هذا المجال النص على احتمال تخفيف المسئولية على الفاعل إذا أعطى معلومات عن كيفية وقوع الجريمة لان هذه المعلومات لن تغير في الوضع شيء إن كانت تساعد في العثور على رفات المجني عليه كما أيدنا مذهب التشديد المنصوص عليه في الاتفاقية نظرا لخطورة الجريمة , ثم تناولنا الركن المعنوي و وجدنا في القصد الجنائي رأيين غلبنا احدهما على الأخر وهو عدم اشتراط وجود قصد خاص والاكتفاء بوجود القصد العام من علم وإرادة لان الفعل المجرم إذا وقع لا حاجة لتوفر القصد الخاص خصوصا إن كانت النتيجة متحققة إضافة إلى أن بعض صور الاختفاء لا يكون فيها قصدا خاصا أبدا وهي حالة تنفيذ أمر صادر من رئيس أعلى دون معرفة صحة هذا الأمر , وتنطبق هذه الفرضية على الفاعل المعنوي نظريا وان كانت الناحية العملية لا تسمح بذلك , ثم عرضنا إلى التنظيم القانوني لجريمة الاختفاء القسري وحددنا فيها حالات الاختفاء القسري وما يدخل في نطاقه و عددنا حالاته و وضعنا تعريف لكل صورة من الصور ثم تناولنا شروط الجريمة كما أوردتها المحكمة الجنائية الدولية و وجدنا أن الشروط فيها إسهاب وتكرار منتقد وحاولنا حل هذا الإشكال بتحديد الشروط اللازمة لتحقق الجريمة ثم بحثنا في الحقوق التي تسلبها جريمة الاختفاء القسري واعتمدنا في بحثنا على ابرز المواثيق و الصكوك الدولية المقررة لحقوق الإنسان ابتداء بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 وانتهاء بالاتفاقية العربية لحقوق الإنسان لسنة 1994 ثم تناولنا بعد ذلك الجزاء المفروض على جريمة الاختفاء القسري و وجدنا بأنه لا يخرج عن نوعين هما الجزاء الجنائي والجزاء المدني و وجدنا أن كلا الجزاءين لم ينظما في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بل أحالت الاتفاقية ذلك إلى القانون الداخلي أي إنها قررت المبادئ العامة فقط دون التطرق إلى التفاصيل  و بعد أن اطلعنا على أهم جوانب جريمة الاختفاء القسري بوصفها جريمة ضد الإنسانية وجدنا نتائج مهمة جدا تمثل موضع انتقاد في اغلب الأحيان وحاولنا وضع حلول لهذه المشاكل عن طريق اقتراحات لسد النواقص نرجو أن نكون قد وفقنا في ذلك وهذه النتائج هي :

 

  • 1-المصطلح الذي يعرف الجريمة ( الاختفاء القسري ) غير موفق لانه يشير إلى طابع الإرادية المفقود في الجريمة , فنقترح استعمال مصطلح ( الإخفاء القسري ) بدلا منه لان الأخير يشير إلى طابع القهر والإرغام .
  • 2-وجدنا بان التعرف الذي أوردته الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري كان مسهبا وعدد صورا للفعل الذي يعد جريمة وكان بإمكانه الاستغناء عن هذا التعداد مكتفيا بالصورة التي أوردها لاحقا ( أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية ) لذا نقترح استعمال هذه الصيغة بدلا من التعداد المنتقد , وان كنا خرجنا هذا التعداد بأنه جاء على سبيل المثال ورفع الغموض واللبس عن معالم الجريمة .
  • 3-وجدنا أن الاتفاقية تشترط موافقة الدولة أو علمها كي تعتبر الفعل الصادر من الجناة اختفاء قسري , ونقترح أن يشمل النص كل الحالات سواء وجدت الموافقة أو لا لان كلا الفعلين يمثل انتهاكا لحقوق الإنسان وكرامته .
  • 4-وجدنا أن الاتفاقية لم تتطرق لمسالة مهمة جدا خاصة بمرحلة ما بعد تنفيذ فعل الاحتجاز وهي ادعاء الدولة بأنها قد أفرجت عن المختفي وتثبت ذلك بأوراق رسمية ومع ذلك لا يعرف مصيره بالتحديد لذا يجب الإشارة إلى هذه الحالة .
  • 5-وجدنا أن الاتفاقية تضع ظرفا مخففا في مواجهة مسئولية الفاعل ولكن هذا التخفيف منتقد في أحد شقيه وهو التخفيف بالنسبة للجاني الذي يدلي بمعلومات عن الجريمة إذ أن هذه المعلومات لن تعيد للشخص المختفي حياته , فنقترحقصر ظرف التخفيف على الجاني الذي يساعد على إعادة الشخص المختفي حيا فقط دون الحالة الأخرى .
  • 6-تخضع هذه الجريمة للمبادئ العامة في القانون الجنائي في مسالة العدول عن الفعل المجرم ومسالة الفاعل المعنوي مع أننا نقترح أن لا يؤخذ بنظرية الفاعل المعنوي أي لا يعفى إلا بتحقق شرطين هما : أ / إبلاغ الجهات المختصة عن الجريمة حال اكتشافه لها أو التقدم طوعا للمساعدة على كشف معالمها حال التحقيق فيها .ب / نفي سوء النية .
  • 7-وجدنا أن الاتفاقية لم تبين القصد المطلوب وهل هنالك حاجة لركن خاص وهو قصد الحرمان من الحرية أو لا , ونحن نرى أن لا يؤخذ بركن خاص في هذه الجريمة كي لا يفلت الجناة من العقاب فيكفي أن يتوفر الركن العام وهو العلم والإرادة .
  • 8-وجدنا أن لا تعريف واضح لجريمة الاختطاف في اغلب التشريعات لذا حاولنا تعريفه بالشكل الأتي ( انتزاع الشخص من البيئة التي يعيش فيها بأي وسيلة وقطع صلته عنها ويتبع ذلك إنكار الفعل مما يحرم الشخص المنتزع من حماية القانون ) .
  • 9-وجدنا أن بعض الدول تحاول إضفاء الشرعية على عمليات الاعتقال من خلال قوانين استثنائية , لذا نقترح عدم الأخذ بأي قانون استثنائي غرضه تملص الدولة من المسئولية عن عمليات الاحتجاز التعسفي .

10- وجدنا بان قانون المحكمة الجنائية الدولية قد أسهب إسهابا منتقدا في تعداد شروط جريمة الاختفاء , لذا فإننا نقترح حصر شروط الجريمة بالأتي :

  • 1-وقوع فعل من الأفعال التي تعتبر اختفاء قسري على شخص او مجموعة أشخاص .
  • 2-علم من يقوم بهذه الأفعال بتحقق أركان الجريمة واتجاه إرادته لها حال تنفيذها أو قبل تنفيذها أو بعده .
  • 3-أن تصدر أوامر أو موافقة أو دعم من دولة أو منظمة سياسية للأشخاص الذين يرتكبون جريمة الاختفاء أو عدم تجريمها للفعل في حالة عدم صدور موافقة منها .
  • 4-أن يصدر الرفض من الجهات الرسمية عن الإعلان عن مصير الشخص المجني عليه أو مكان وجوده أو سبب اعتقاله .

11- وجدنا أن الاتفاقية أحالت الأمر في شان الجزاء المترتب على جريمة الاختفاء إلى القوانين الداخلية وبالتالي فلا تلتزم بالاتفاقية إلا الدول التي صادقت عليها , واكثر من ذلك إلا الدول التي اعتمدت الاتفاقية في تشريعها , ونقترح أن تكون الاتفاقية ملزمة لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لان الاتفاقية تتفق مع حقوق الإنسان الأساسية ونقترح اعتبار أي دولة ترفض التصديق على الاتفاقية مناهضة لحقوق الإنسان ومنتهكة لها .

 نسأل الله أن نكون قد وفقنا في ذلك لما فيه خدمة للعلم وللإنسانية ونعتذر عن أي لغو أو سهو أو خطأ ورد في نطاق البحث ...

 

والله من وراء القصد

 

الباحث

 

 

الهوامش

  1. د. سوسن تمر خان بكه , الجرائم ضد الإنسانية في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية, ط 1, منشورات الحلبي الحقوقية ,لبنان 2006 ص458
  2. لويس معلوف , المنجد ,ط5,المطبعة الكاثوليكية ,لبنان ,بدون سنه , ص185
  3. زين الدين محمد بن أبي بكر الرازي, مختار الصحاح ,ط7,مؤسسة الرسالة , لبنان , 1998 ص534
  4. الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 2006
  5. د.سوسن تمر خان بكه , المصدر السابق , ص466
  6. المادة الثانية من الاتفاقية الأمريكية بشان الاختفاء القسري لعام 1996 .
  7. المادة الثانية , الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 1992 .
  8. د. احمد أبو الوفا , الحماية الدولية لحقوق الإنسان , ط3 , القاهرة , 2008 , ص 50
  9. د. سوسن تمر خان بكه , المصدر السابق , ص 468
  10. د. حميد السعدي , شرح قانون العقوبات الجديد , مطبعة المعارف , بغداد , 1970 , ص 140-141
  11. د. عبد الرحمن توفيق احمد , محاضرات في الأحكام العامة لقانون العقوبات , دار وائل للنشر , الأردن , 2006 , ص20-24
  12. د. عيسى دباح , موسوعة القانون الدولي المجلد الخامس ,ط1 ,رام الله ,2003 ص447.
  13. د. كامل السعيد , الأحكام العامة في الاشتراك ألجرمي في القانون الأردني ,ط1 , دار مجد لاوي , الأردن , 1983 ص40
  14. نفس المصدر , ص 41
  15. نفس المصدر , ص42
  16. د. سوسن تمر خان بكه , المصدر السابق , ص 468-469
  17. د.علي حسين خلف ,د. سلطان الشاوي , المبادئ العامة في قانون العقوبات , مطبعة الرسالة , الكويت , 1982 , ص 220
  18. د.علي حسين خلف,د. سلطان الشاوي , المصدر السابق,ص195
  19. د. علي عبد القادر القهوجي , شرح قانون العقوبات القسم العام ,ط1, منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان , 2008 ص500
  20. د. علي عبد القادر القهوجي , المصدر السابق , ص 312
  21. د. محمود صالح العادلي , الجريمة الدولية دراسة مقارنة ,دار الفكر الجامعي , الإسكندرية ,بدون سنه طبع , ص 68
  22. د. حميد السعدي , شرح قانون العقوبات الجديد , مطبعة المعارف , بغداد , 1970 , ص 232
  23. د. سوسن تمر خان بكه , المصدر السابق , ص 473-474
  24. د. سوسن تمر خان بكه , المصدر السابق , ص 474
  25. د. محمود صالح العادلي , المصدر السابق , ص 68-69
  26. د. سعد إبراهيم ألأعظمي , موسوعة مصطلحات القانون الجنائي , ج2 , دار الشؤون الثقافية , بغداد , 2002 , ص 250
  27. شبكة المعلومات العالمية , موقع منظمة العمل لحماية المعتقلين .
  28. د. سعد إبراهيم ألأعظمي , المصدر السابق , ص 93 .
  29. عبد الوهاب عبد الله احمد ألمعمري , جرائم الاختطاف دراسة قانونية مقارنة بإحكام الشريعة الإسلامية , المكتب الجامعي الحديث , الإسكندرية , 2006 , ص 26-30
  30. د. سعد إبراهيم ألأعظمي , المصدر السابق , ص 96
  31. سعد علي البشير , الجرائم الواقعة على الأشخاص في ضوء اجتهادات محكمة التمييز ,ط1,دار الإسراء ,الأردن ,2004,ص200-201
  32. د. سوسن تمر خان بكه , المصدر السابق , ص 446
  33. المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان1948
  34. المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
  35. المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948
  36. د. سوسن تمر خان بكه , المصدر السابق , ص 449
  37. د. عبد الفتاح بيومي حجازي , المحكمة الجنائية الدولية , دار الكتب القانونية , مصر , 2007 , ص621.
  38. نفس المصدر , ص 621
  39. د. عبد الفتاح بيومي حجازي , المصدر السابق , ص621
  40. نفس المصدر, ص622
  41. نفس المصدر , ص622
  42. السيد مصطفى ابو الخير , النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ايتراك للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، ط.1، 2005م)، ص 209.
  43. نفس المصدر , ص212
  44. نفس المصدر , ص 213
  45. د . سوسن تمر خان بكه , المصدر السابق , ص 467
  46. د. مازن ليلو راضي و د.حيدر ادهم عبد الهادي , المدخل لدراسة حقوق الإنسان , ط1 , دار قنديل للنشر ,عمان , 2007 ,ص63
  47. د. الشافعي محمد بشير , قانون حقوق الإنسان ,ط3,منشاة المعارف , الإسكندرية ,2004,ص94
  48. د. علي يوسف ألشكري , حقوق الإنسان في ظل العولمة , ط2 , أيتراك للطباعة والنشر , مصر , 2007, ص 197-198
  49. د. الشافعي محمد بشير , المصدر السابق , ص 16
  50. المادة 2 – 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة لعام 1984 .
  51. د. مازن ليلو راضي و د. حيدر ادهم عبد الهادي , المصدر السابق , ص 167
  52. الشافعي محمد بشير , المصدر السابق , ص269
  53. د. علي يوسف ألشكري , المصدر السابق , ص 195-197
  54. د. مازن ليلو راضي و د. حيدر ادهم عبد الهادي , المصدر السابق , ص 62
  55. د. علي يوسف ألشكري , المصدر السابق , ص 198-199
  56. المادة الخامسة بفقراتها الستة من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لسنة 1969
  57. د. الشافعي محمد بشير , المصدر السابق , ص 134-135
  58. المستشار شريف علتم , المحكمة الجنائية الدولية , ط5 , منشورات لجنة الصليب الأحمر , 2008
  59. انظر المواد 11-23 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006
  60. شبكة المعلومات العالمية , موقع منظمة العفو الدولية
  61. د. سعد إبراهيم ألأعظمي , المصدر السابق , ج1 , ص 18
  62. نفس المصدر ,ج1, ص 19

 

 

 

المصادر

الكتب :

  • 1-د. احمد أبو الوفا , الحماية الدولية لحقوق الإنسان , ط3 , القاهرة ,2008 .
  • 2-د. الشافعي محمد بشير , قانون حقوق الإنسان , ط3 , منشاة المعارف , الإسكندرية , 2004 .
  • 3-د. حميد السعدي , شرح قانون العقوبات الجديد , مطبعة المعارف , بغداد ,1970 .
  • 4-زين الدين محمد بن أبي بكر الرازي , مختار الصحاح , ط7 , مؤسسة الرسالة , لبنان , 1998 .
  • 5-د . سعد إبراهيم ألأعظمي , موسوعة مصطلحات القانون الجنائي ج1وج2 , دار الشؤون الثقافية , بغداد , 2002 .
  • 6-سعد علي البشير , الجرائم الواقعة على الأشخاص في ضوء اجتهادات محكمة التمييز , ط1 , دار الإسراء للنشر والتوزيع , الأردن , 2004 .
  • 7-د. سوسن تمر خان بكه , الجرائم ضد الإنسانية في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية , ط1 , منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان ,2006 .
  • 8-المستشار شريف علتم , المحكمة الجنائية الدولية , ط5 , منشورات لجنة الصليب الأحمر , 2008 .
  • 9-عبد الوهاب عبد الله احمد ألمعمري , جرائم الاختطاف دراسة قانونية مقارنة بأحكام الشريعة الإسلامية , المكتب الجامعي الحديث , الإسكندرية , 2009.

10-عبد الفتاح بيومي حجازي , المحكمة الجنائية الدولية , دار الكتب القانونية , مصر , 2007 .

11-د.عبد الرحمن توفيق احمد , محاضرات في الأحكام العامة لقانون العقوبات , ط1 , دار وائل للنشر , الأردن , 2006 .

12-د. علي حسين خلف و سلطان الشاوي , المبادئ العامة في قانون العقوبات , مطبعة الرسالة , الكويت , 1982.

13-د. علي عبد القادر القهوجي , شرح قانون العقوبات القسم العام ,ط1 و منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان , 2008

14-علي يوسف ألشكري , حقوق الإنسان في ظل العولمة , ط2, أيتراك للنشر , القاهرة , 2007 .

15-د. عيسى دباح , موسوعة القانون الدولي المجلد الخامس ,ط1,رام الله , 2003.

16-د. كامل السعيد , الأحكام العامة في الاشتراك ألجرمي في القانون الأردني , ط1 , دار مجد لاوي , الأردن , 1983 .

    17  -لويس معلوف , المنجد , ط5 , المطبعة الكاثوليكية ,لبنان , بدون سنه طبع .

18- د. مازن ليلو راضي و د.حيدر ادهم عبد الهادي , المدخل لدراسة حقوق الإنسان , ط1, مطبعة دار قنديل , عمان , 2007 .

19-د.محمود صالح العادلي , الجريمة الدولية دراسة مقارنة ,دار الفكر الجامعي , الإسكندرية .

 

المواثيق الدولية والإقليمية :

    1-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 .

2-الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لسنه 1950 .

3-العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان المدنية والسياسية لسنة 1966 .

4-الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لسنة 1969 .

5-الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لسنة 1981 .

6-اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة لسنة 1984 .

7-الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 1992

8-الميثاق العربي لحقوق الإنسان لسنة 1994 .

9-الاتفاقية الأمريكية بشان الاختفاء القسري لسنة 1996 .

10-الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص