لا تزال الأسرة السورية منذ بداية الثورة تدفع ضريبة الخروج عن الصمت الذي فرضه نظام الأسد الأب ولم يستطع الابن إبقاءه على حاله عند بدء الاحتجاجات عليه في عام 2011 التي طالبت في بداية الأمر للإصلاحات دون اسقاط النظام ، ولكن النظام الامني لا يعرف التعامل مع السلمية إلا بالبندقية التي وُجهت لصدور الأبرياء المطالبين بأدني حقوقهم "الحرية" ، حينها بدء جرح الأسرة السورية بالنزيف المستمر .
فقد بدا جلياً كيف كانت الملاحقات لناشطي الثورة الاوائل تعرّض الأسرة بأكملها للخطر ، لِما تناله الأسرة من مداهمات مستمرة وملاحقات من مكان لآخر والذي ربما يدفع ثمنه الأطفال الصغار إن كان المعتقل أو الملاحق هو معيل الأسرة .
"أميرة أم شعار" تعي مع أطفالها الصغار على أمل ألاّ يصاب ابنها الأكبر بأي أذى كونه من عناصر الجيش الحر المرابطين على جبهات العاصمة دمشق وهي تشكي خوفها عليه بذكرها من فقدت من عائلتها والتي علقت صورهم فوق أريكتها لتشاهدهم بإستمرار " فقدت أمي بسبب قذيفة سقطت بالقرب من المنزل، كما فقدت أخي الأكبر فقد أُعدم على أحد حواجز حي جوبر الدمشقي أثناء عودته من سوق الخضار بدمشق ، وأخيراً فقدت زوجي الذي كان قائداً لإحدى كتائب الجيش الحر ،أما باقي إخوتي فكلاهما مسافر خارج سوريا ، وفي كل يوم أخشى أن يأتيني نبأ استشهاد ابني وبذلك يفقد قلبي صبره بالكامل فضلاً عن أنه المعيل الوحيد المتبقي لي" .
ليس الخوف من الموت ما تشتكي منه "أم شعار" إنما ضيق العيش الذي وصلت له في هذه الأيام فبينما يغيب ابنها في ساحات القتال لا تجد نفسها إلا مرغمة على تأمين عمل تكسب منه بعض المال تطعم به أبناءها الصغار .
في حيٍّ آخر تحكي "أم عمار" حال عائلتها التي تشردت بعد اعتقال زوجها بأواخر عام 2011 والذي لم يعلم مصيره حتى الآن ، فمنزلها تعرض لعدة قذائف أطلقتها قوات الأسد لتستقر فيه وتجعل منه أثراً وتبدأ بذلك رحلة التشرد والعيش بغرفة واحدة مع عائلتين آخرتين الأسوأ حالاً بينهم هي عائلة أم عمار.
في السابعة والنصف صباحاً يبدأ كلاً من "عمار ومحمد" توزّع المهام اليومية فالأول ذو الأحد عشر عاماً يجوب الشوارع والأزقة يبيع فيها الفطائر لمدة تزيد عن عشر ساعات كل يوم ليحصل على مئتي ليرة سورية أي ما يعادل دولاراً واحداً ، كما يتخلل ساعات عمله القليل من أجل التعليم الذي انقطع عنه لثلاث سنوات وقد يستثمر أوقات الاستراحة ببيع بعض الحلوى لأصدقائه الآخرين.
في الغوطة المحاصرة حكايات لأسر سورية تخنق الدمعة الكلمات بحناجرها ، وأمنيات بأن يصل ما يوجعهم لمن يستطيع إنقاذ هؤلاء من سجنهم الكبير المفروض عليهم من نظام الأسد .
المصدر: شبكة شام الإخبارية