شبح الحصار يخيم مجددا على جنوب دمشق
شبح الحصار يخيم مجددا على جنوب دمشق
حالة من الهلع والخوف تسود بين المدنيين في بلدات جنوب العاصمة السورية دمشق، بعد إغلاق قوات النظام معبر بلدة ببيلا، وهو ما جعل شبح الحصار يخيم عليها مجددا، خاصة مع الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية.
سلافة جبور-دمشق
بعد مرور نحو عام على تنفيذ هدنات ومصالحات في عدد من بلدات جنوب العاصمة السورية دمشق، يتساءل الأهالي اليوم عن جدوى تلك الهدنات، خاصة بعد إغلاق قوات النظام السوري معبر بلدة ببيلا، وهو المعبر الوحيد الذي يربط تلك البلدات مع العاصمة منذ عدة أيام، متسببا في معاناة إنسانية جديدة.
فإثر حصار دام أكثر من عام، وتسبب في وفاة عشرات الأشخاص جوعا ومرضا، أرمت الفصائل المعارضة المقاتلة اتفاقيات مع قوات النظام في بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم جنوب العاصمة، وهو ما حقق جزءا يسيرا من حاجات المدنيين من الغذاء والدواء، كما تم إخراج العديد من الحالات الإنسانية للعلاج.
ورغم استمرار هذه الهدنات حتى الآن، فإن الكثير من الناشطين باتوا يرونها "هشة" وقابلة للانهيار بسبب عدم التزام النظام.
فوعود الإفراج عن مئات المعتقلين لم تنفذ حتى الآن، كما أن قوات النظام تستمر في التحكم بمعبر ببيلا الذي يعد الشريان الوحيد لجنوب دمشق المحاصر، حيث تكررت حالات إغلاقه خلال الأشهر الأخيرة.
آلاف المدنيين في جنوب دمشق يعانون من ارتفاع الأسعار بعد إغلاق معبر ببيلا (الجزيرة) |
معبر للحياة
يقول عدنان -أحد مراسلي المجلس المحلي لبلدة ببيلا- إن المعبر كان السبب الرئيسي في توقف حالات الموت جنوب دمشق، إذ تم عن طريقه إدخال الغذاء والدواء وإخراج المرضى، إلا أن قوات النظام أغلقته ومنعت مرور كافة المواد الغذائية عبره.
ويضيف للجزيرة نت "تبرر قوات النظام إغلاقها للمعابر بأن جميع الفصائل المقاتلة -حتى تلك التي ترفض الهدنة وتنزع إلى الحل العسكري- استفادت تموينيا من المعبر، رغم طلب النظام إغلاق كافة الطرق الواصلة بين المناطق المهادنة وتلك غير المهادنة كالحجر الأسود والتضامن بهدف تضييق الخناق على المقاتلين".
ويتابع "لم يستفد النظام حتى الآن بالشكل الذي يرغب فيه من الهدنات، فتحقيق الأمان لطريق مطار دمشق الدولي والذي تقع بلدات جنوب دمشق على أحد أطرافه لم يتحقق حتى الآن بشكل كامل، كما أن الكثير من المقاتلين ما زالوا يرفضون تسوية أوضاعهم وتسليم أسلحتهم، الأمر الذي يدفع بالنظام للضغط عليهم أكثر".
ويرى عدنان أن أغلب المدنيين والفصائل المقاتلة التي تشعر بالمسؤولية ينزعون إلى الهدنة بسبب تردي الأوضاع الإنسانية، وليس لأنهم غيروا موقفهم من النظام، فالهدنة -وإن لم تكن مطلبهم الأساسي- هي الحل الوحيد اليوم لوقف نزيف الدم وإنقاذ ما تبقى من الأرواح والممتلكات وتخفيف المعاناة، مع استمرار التخاذل والصمت العربي والدولي تجاه القضية السورية، حسب قوله.
استراحة مقاتل
ويتفق أبو بسام الدمشقي -وهو ناشط إعلامي يعيش في جنوب دمشق المحاصر- مع ما يذهب إليه عدنان، إذ يقول إن الهدنة كانت ضرورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المدنيين بعد أن حصد الموت جوعا أرواح الكثير منهم، وبدوره استفاد النظام منها في تحييد الجبهات الجنوبية والتركيز على جبهات أخرى كالغوطة الشرقية وجوبر.
غير أن أبو بسام لا يستبعد أن يعيد النظام مهاجمة البلدات المهادنة، ولذلك يرى أن الهدنة كانت فرصة كبيرة لمقاتلي الجيش الحر لإعادة ترتيب الأوراق وتنظيم الصفوف والاستعداد لمواجهة النظام، إضافة إلى مواجهة تنامي تنظيم الدولة الإسلامية بعد إعلان تشكيل إمارة تابعة له في بلدة الحجر الأسود.
ويتأسف أبو بسام في حديثه للجزيرة نت لحال المدنيين الذين وقعوا اليوم بين مطرقة حصار النظام بعد إغلاق معبر ببيلا، وسندان تجار الأزمة الذين رفعوا أسعار كافة المواد التموينية، ويرى أن المدنيين هم من يدفع الثمن الأكبر اليوم للحرب والهدنة على حد سواء.
تعليقات
لا يوجد نتائج مطابقة